كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

باب حرمة مكة
قال ابن الجوزي: قال الزجّاج: مَكَّةُ لا ينصرف؛ لأنّها مؤنّثة، وهي معرّفة، يصلح أن يكون اشتقاقها كاشتقاق بَكَّةَ؛ لأن الميم تبدَل. يقال: ضَرْبةُ لازِمٍ، ولازِبٍ، ويصلح أن يكون من قولهم: امتكَّ الفصيلُ ما في ضرع النّاقة: إذا مصَّ مصًّا شديدًا حتّى لا يُبقي فيه شيئًا، فسُميت بذلك؛ لشدّة ازدحام النّاس فيها (١).
وقال ابن فارس: تمكَّكْتُ العَظْمَ: إذا أخرجتُ مُخَّهُ، والتَّمَكُّكُ: الاستقصاء (٢).
وفي الحديث: "لا تُمَكِّكُوا على غُرَمائِكُم" (٣)؛ أي: لا تُلحُّوا عليهم.
وفي تسميتها بهذا الاسم أربعةُ أقوال:
أحدها: أنّها مثابة يؤمُّها النّاسُ من كل فَجٍّ، فكأنّها التي تجذبهم، من قول العرب: مَكَّ الفصيلُ ما في ضَرْع النّاقة.
الثاني: أنها من قولهم: مككتُ الرّجلَ: إذا رددت نخوته، فكأنّها تَمُكُّ من ظَلَمَ فيها؛ أي: تهلكه، وأنشدوا: [من الرجز]
---------------
(١) انظر: "مثير العزم الساكن" لابن الجوزي (ص: ١٣٠).
(٢) انظر "مجمل اللغة" لابن فارس (٣/ ٨١٦)،) (مادة: مكَّ).
(٣) كذا ذكره أبو عبيد في "غريب الحديث" (٣/ ١٢٢)، وتبعه ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" (٤/ ٣٤٩). ولم أقف عليه في كتب الحديث المشهورة، واللَّه أعلم.

الصفحة 163