كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

عنهما-: أَنَّ رجالًا من أصحاب النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-)، قال القسطلاني في "شرح البخاري": لم يُسم أحدٌ منهم (١) (أُروا) -بضم الهمزة- مبنيًا للمفعول تنصب مفعولين، أحدُهما: النائب عن الفاعل، والآخر: قوله: (ليلةَ القدر)؛ أي: أراهم اللَّه ليلةَ القدر (٢) (في المنام في) ليالي (السبعِ الأواخِرِ) جمع -بكسر الخاء المعجمة-، قال في "المصابيح": ولا يجوز أُخر؛ لأنه جمع الأخرى، وهي لا دلالة لها على التأخير في الوجود، وإنما تقتضي المغايرة، تقول: مررتُ بامرأة حسنة، وامرأة أُخرى مغايرة لها، ويصح هذا التركيب، سواء كان المرور بهذه المرأة المغايرة سابقًا، أو لاحقًا، وهذا عكس العشر الأول، فإنه يصح؛ لأنه جمع أُولى، ولا يصح الأوائل جمع أَوَّل للمذكر، وواحد العشر ليلة، وهي مؤنثة، فلا يوصف بمذكر.
ومفهوم الحديث: أن رؤياهم كانت قبل دخول السبع الأواخر؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فليتحرَّها في السبع الأواخر" كما يأتي.
ثم يحتمل أنهم رأوا ليلة القدر وعظمَها وأنوارَها ونزولَ الملائكة فيها، وأن ذلك كان في ليلة من السبع الأواخر.
ويحتمل أن قائلًا قال لهم: هي في كذا، وعين ليلةً من السبع الأواخر، ونُسيت، أو قال: إن ليلةَ القدر في السبع، أو إن رؤياهم تباينت في السبع الأواخر بحسب الليلة المعينة، وتواطأت على كونها في السبع، احتمالات (٣).
(فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أَرَى) -بفتح الهمزة والراء-؛ أي: أَعلم
---------------
(١) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٤٣١).
(٢) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٣) المرجع السابق، الموضع نفسه.

الصفحة 29