كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

وروى الإمام أحمد أيضًا من حديث يزيد بن هارون، ثنا شعبة، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ كان منكم مُتَحَرِّيَها، فليتحرَّها ليلةَ سبعٍ وعشرين"؛ يعني: ليلة القدر، أو قال: "تَحَرَّوها ليلةَ سبعٍ وعشرين"؛ يعني: ليلة القدر (١).
ورواه شبابة، ووهب بن جرير، عن شعبة، مثله، [ورواه أسود بن عامر، عن شعبة، مثله]، وزاد: "في السبع البواقي". قال شعبةُ: وأخبرني رجلٌ ثقةٌ عن سفيان: أنه إنما قال: "في السبع البواقي"، لم يقل: "سبع وعشرين". قال الإمام أحمد في رواية ابنه صالح: الثقةُ هو يحيى بنُ سعيد. قال شعبة: فلا أدري أيهما قال (٢).
والحاصل: أن أكثر الروايات دالَّة على ترجيح كونِ ليلةَ القدر ليلة سبع وعشرين، وممَّا يدل على ذلك: ما استشهد به ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- بمحضر عمر، والصحابة معه -رضي اللَّه عنهم-، واستحسنه عمر، وقد روي من وجوه متعددة، فروى عبد الرزاق في "كتابه" عن معمر، عن قتادة وعاصم: أنهما سمعا عكرمةَ يقول: قال ابنُ عباس: دَعَا عمرُ بنُ الخطاب -رضي اللَّه عنه- أصحابَ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- , فسألهم عن ليلة القدر، فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر.
قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- لعمر -رضي اللَّه عنه-: إني لأعلم أو إني لأظن أيَّ ليلة هي، قال عمر: وأي ليلة هي؟ قلت: سابعة تمضي، أو سابعة تبقى من العشر، فقال عمر: و [من] أين علمت ذلك؟ قال: فقلت:
---------------
(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٢٧). وتقدم تخريجه عند البخاري ومسلم من طريق أخرى.
(٢) انظر: "مسند الإمام أحمد" (٢/ ١٥٧).

الصفحة 38