كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْضُ الرُّوَاةِ: "يَوْمًا"، وَلا "لَيْلَةً".
(عن) أميرِ المؤمنين أبي حفصٍ (عمرَ بنِ الخطاب -رضي اللَّه عنه-، قال: قلتُ: يا رسول اللَّه!) وكان سؤاله -رضي اللَّه عنه- له -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجِعْرَانة لما رجعوا من حنين -أي: ومن محاصرة الطائف- (إني كنت نذرتُ في الجاهلية أن أعتكفَ ليلةً) في المسجد الحرام؛ أي: حول الكعبة.
ولم يكن في عهده -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا أبي بكر -رضي اللَّه عنه- جدار، بل الدورُ حول البيت، وبينها أبوابٌ لدخول الناس، فوسَّعه -رضي اللَّه عنه- بدورٍ اشتراها، وذلك سنة خمس عشرة من الهجرة، ومن أبى البيع، هدم داره، وترك ثمنَها لأربابها في خزانة الكعبة، واتخذها للمسجد جدارًا قصيرًا دونَ القامة، ثم تتابع الناس على عمارته وتوسيعه (١)، منهم سيدُنا عثمانُ بن عفان -رضي اللَّه عنه-، فعلَ كعمرَ في سنة ستٍّ وعشرين من الهجرة، ثم وسَّعَ عبدُ اللَّه بن الزبير -رضي اللَّه عنهما- من جانبه الشرقي واليماني.
ثم وسَّعَ المنصورُ ثاني خلفاء بني العباس من جهة الشمالي والغربي، وكان ما زاده مثل ما كان من قبل.
وابتدأ في العمل في المحرم سنة سبع وثلاثين ومئة، وفرغ في ذي الحجة سنة أربعين ومئة.
ثم إن الخليفة المهديَّ -وهو أبو عبد اللَّه محمدُ بنُ أبي جعفرٍ المنصورِ العباسيِّ- حجَّ في سنة ستين ومئة، وجرد الكعبة، وطلى جدرانها بالمسك والعنبر من أعلاها إلى أسفلها، ووسّعَ المسجدَ من جانبه اليماني والغربي،
---------------
= للصنعاني (٤/ ١١٥)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (٤/ ٣٥٩).
(١) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٤٤١).

الصفحة 63