كتاب شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 4)

مقصود المحيي، فإن انحدر دارًا فلا بدّ من التحويط والتسقيف، وإن قصد الزراعة فلا بد من جمع التراب محيطًا بالأرض ومن الحراثة، وإن قصد بستانًا فلا بد من التحويط وشق النهر والغراس، وعلى هذا القياس.
قال أبو بكر البيهقي الحافظ: وقوله: "إن إحياء الموات ... إلى آخره" أظنه من كلام الشافعي، فقد رواه الحميدي عن عبد الرحمن بن الحسن ولم يذكره (¬1).
وأما قوله: "وهو مثل إبطاله التحجير بغير ما يعمر به مثل ما يحجر" فلا شبهة أنه من كلام الشافعي، وأراد أن التحجير لا يفيد الملك، وإذا لم يعمر الموضع عمارة تليق بمثل ما حجر له يبطل تحجيره.
وقوله: "مثل ما يحجر" يمكن أن يجعل فعلًا مستقبلًا من التحجير، أي: مثل ما يحجر له ويقصده من دار وبستان، وغيرهما، ويمكن أن يقرأ: "مثل ما تحجر" والتحجير والتحجر متقاربان، وكأنه أشار بذلك إلى ما روي عن يحيى ابن آدم عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: كان الناس يتحجرون على عهد عمر -رضي الله عنه-، فقال عمر: من أحيا أرضًا مواتًا فهي له.
قال مالك: كأنه لم يجعلها له بالتحجير حتى يحييها (¬2).
¬__________
(¬1) "السنن الكبير" (6/ 148).
(¬2) رواه البيهقي (6/ 148)، وفيه أن يحيى هو القائل: كأنه لم يجعلها ... إلخ.
وأن مالكًا زاد فيه: مواتًا. فلعل المصنف وهم فيه.

الصفحة 331