كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 4)

الحروف التي في الكلمة، والحروف في الكلمة إذا قطعت كل حرف منها مبني؛ لأن الإعراب إنما يقع على الاسم بكماله، فإذا قصدنا إلى كل حرف منها بيناه. وهذه الحروف التي ذكرناها من (الباء) إلى (الفاء) إذا بيناها فكل واحد منها على حرفين؛ الثاني منهما ألف فهي بمنزلة " لا " و " ما " إذا احتجنا إلى جعلها أسماء وتدخلها الألف واللام، فتتعرف وتخرج منها فتنكر.
وما مضى من الحروف نحو (ليت) و (لو) لا تدخلها ألف ولام، فجعل سيبويه حروف التهجي نكرات، إلا أن تدخل عليها الألف واللام، فجرين مجرى ابن مخاض وابن لبون في التنكير، وجعل (لو) و (ليت) معارف، فجرين مجرى سام أبرص وأم حبين؛ لأنهن مشتركات في الامتناع من دخول الألف واللام، والفرق بينهما أن الباء قد توجد في الأسماء كثيرة فيكون حكمها وموضعها في كل واحد من الأسماء على خلاف حكمها في الآخر.
كقولنا: (بكر) و (ضرب) و (حبر)، وغير ذلك من الأسماء والأفعال والحروف، فلما كثرت مواضعها واختلفت سار كل واحد منها نكرة.
وأما (ليت) و (لو) وما أشبه ذلك فهن لوازم في موضع واحد ومعنى واحد، وما استعمل منها في أكثر من موضع فليس ذلك بالشائع الكثير ومواضعه تتقارب، فتصير كالمعنى الواحد.
ومثل ذلك أسماء العدد، إذا عددت، فقلت: (واحد) (اثنان) (ثلاثة) (أربعة) بنيتها؛ لأنك لست تخبر عنها بخبر تأتي به، وإنما تجعله في العبارة عن كل واحد من الجمع الذي تحدده، كالعبارة عن كل واحد من حروف الكلمة إذا قطعتها.
وذكر سيبويه أنه يقال: واحد، اثنان؛ فتشم الواحد الضّم وإن كان مبنيا، لأنه متمكن في الأصل.
وما كان متمكنا إذا صار في موضع غير متمكن، جعل له فضيلة على ما لم يكن متمكنا قط.
قال: " وزعم من يوثق به أنه سمع من العرب: " ثلاثة اربعة، فطرح همزة أربعة على الهاء من ثلاثة، ولم يحولها تاء مع التحريك، ومثل ذلك قوله:
به خرجت من عند زياد كالخرف

الصفحة 33