كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 4)

كالقرع، وذقطها ذقطا، وهو النكاح، ونحوه من باب المباضعة. وقالوا: سرقة، كما قالوا: فطنة.
وقالوا: لويته حقه ليانا على فعلان "
قال أبو سعيد: ذكر بعض أصحابنا، وهو عندي جيد، أن ليانا أصله ليانا، لأنه ليس في المصادر فعلان، وإنما يجئ على فعلان وفعلان كثيرا، كالوجدان والإتيان والعرفان، فكأن أصله ليّان أو ليّان، فاستثقلوا الكسرة والضمة مع الياء المشددة، ففتحوا استثقالا.
وقد ذكر أبو زيد في كتابه (عن بعض العرب) لويته ليانا بالكسر، وهذا من أوضح الدلائل على ما ذكرنا.
" وقالوا: رحمته رحمة كالغلبة ".
وجميع ما ذكره سيبويه إلى هذا الموضع في الأفعال الخمسة
وقال: " وأما كل عمل لم يتعد إلى منصوب فإنه يكون فعله على ما ذكرنا في الذي يتعدى، ويكون الاسم فاعلا،
والمصدر يكون فعولا، وذلك نحو:
قعد قعودا وهو قاعد، وجلس جلوسا وهو جالس، وسكت سكوتا وهو ساكت، وثبت ثبوتا وهو ثابت، وذهب ذهوبا وهو ذاهب. وقالوا: الذّهاب والثّبات، فبنوه على فعال كما بنوه على فعول، والفعول فيه أكثر. وقالوا: ركن يركن ركونا وهو راكن. وقالوا في بعض مصادر هذا، فجاءوا به على فعل، كما جاءوا ببعض مصادر الأول على فعول، وذلك قولك: سكت يسكت سكتا، وهدأ الليل يهدأ هدءا، وعجز عجزا، وحرد يحرد حردا وهو حارد، وقولهم: فاعل يدلك على أنهم جعلوه من هذا الباب.
أراد سيبويه أنهم حملوا مصادر ما لا يتعدى على ما يتعدى في قولهم:
عجزا وسكتا، والباب فيه الفعول، كما حملوا ما يتعدى، حيث قالوا: لزم لزوما، وجحد جحودا والباب فيه لزما وجحدا، على ما لا يتعدى، وقوى حملهم ذلك على ما يتعدى أنهم قالوا: حارد، وكأن القياس في مثله أن يقال: حرد حردا فهو حردان، كما قالوا: غضب غضبا فهو غضبان، فأخرجوه عن باب غضبان: تخفيف الحرد، وبقولهم حارد، ومعنى قول سيبويه: " فإنه يكون فعله على ما ذكرنا في الذي يتعدى "، ويريد من باب فعل يفعل، كقولنا: قعد يقعد، وفعل يفعل، كقولنا: جلس يجلس، وفعل يفعل، كقولنا:
حرد يحرد، فهذه الأفعال لها نظائر فيما يتعدى، ويجيء فيما لا يتعدى بناء ينفرد كقولنا: ظرف يظرف، وكرم يكرم. وستقف على ذلك إن شاء الله.

الصفحة 402