كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 4)

مثل السكر، والعبر مثل العطش، فقالوا: عبرى، كما قالوا: ثكلى. وأما ما كان من هذا من بنات الياء والواو التي هي عين فأنها تجيء على فعل يفعل معتلة لا على الأصل، وذلك عمت تعام عمة وهو عيمان وهي عيمانة، جعلوه كالعطش، وهو الذي يشتهي اللبن كما يشتهي ذلك الشراب، وجاءوا بالمصدر على فعلة، لأنه كان في الأصل على فعل، كما كان العطش ونحوه على فعل، ولكنهم أسكنوا الياء وأماتوها "، يعني أعلوها، " كما فعلوا في الفعّل، فكأن الهاء عوض من الحركة مثل: غرت تغار غيرة، وهو في المعنى كالغضبان، وقالوا: حرت تحار حيرة (وهو حيران)، وهي حيرى، وهو في المعنى كالسكران لأن كليهما مرتج عليه.

هذا باب ما يبنى على أفعل
قال سيبويه: " أما الألوان فإنها تبنى على أفعل، ويكون الفعل على فعل يفعل، والمصدر على فعلة أكثر، وربما جاء الفعل فعل يفعل، وذلك قولك: أدم يأدم أدمة، ومن العرب من يقول: أدم يأدم أدمة، وشهب يشهب شهبة، وقهب يقهب قهبة " وهو سواد يضرب إلى الحمرة، قال:
والأقهبين: الفيل والجاموسا
" وكهب يكهب كهبة، وقالوا: كهب يكهب كهبة " وهو غبرة وكدورة في اللون، " وشهب يشهب شهبة، وصدئ يصدأ صدأة، وقالوا: صدأ، كما قالوا: الغبس، والأغبس: البعير الذي يضرب إلى البياض، وقالوا: الغبسة، كما قالوا: الحمرة، وفي نسخة أخرى العيسة، وأصلها العيسة، فكسرت العين لتسلم الياء.
" واعلم أنهم يبنون الفعل منه على أفعال، نحو: أشهاب وأدهام وأيدام. فهذا لا يكاد ينكسر في الألوان، وإن قلت
فيها فعل يفعل، أو فعل يفعل. وقد يستغنى بأفعال عن فعل وفعل، وذلك نحو: أزراق وأخضار وأصفار وأحمار وأشراب وأبياض وأسواد وأسود وأبيض وأخضر وأحمر، وأصفر أكثر كلامهم، والأصل ذلك لأنه كثر فحذفوه "
يعني الأصل أفعال وهو أحمار وأسواد، ثم خفف فقالوا: احمرّ وأسود والمخفف الذي ذكره أكثر في الكلام، وفعل فيما ذكره بعض أصحابنا مخفف عن أفعل، ويستدل على ذلك أنهم يقولون: عور وحول، فلا يعلون الواو؛ لأنه في معنى أعورّ وأحولّ، وهما لا يعتلان. والوجه عندي أنه لم يعل عور وحول لأنه في معنى فعل لا يعتل، لا أنه مخفف

الصفحة 414