كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 4)

الواو، ويفعل بإسقاطها.
وقالوا: وحر صدره على يحر، ووغر يغر، وقالوا: يوغر ويوحر، فأثبتوا الواو في يفعل، وأسقطوها في يفعل. فوضح بذلك أن سقوط الواو في يعد ويزن من أجل وقوعها بين ياء وكسرة لا من أجل التعدي. فإن قال قائل: فإذا كان سقوط الواو لوقوعها بين ياء وكسرة، فلم أسقطوها من يهب ويضع ويطأ ويقع؟
قيل: الأصل في ذلك يفعل، وكان يوهب ويوضع ويوطيء ويوقع، ووطيء يوطيء منه على فعل يفعل، نحو: حسب يحسب، وفي المعتل: وثق يثق، فسقطت الواو منه لوقوعها بين ياء وكسرة، فصار يهب ويطيء ويضع ويقع، ثم فتح من أجل حرف الحلق، كما قالوا: صنع يصنع، وقرأ يقرأ من أجل حرف الحلق، وما لم يكن فيه حرف الحلق في موضع عينه أو لامه لم نجز فيه ذلك.
فإن قال قائل: إذا قلتم إن الواو تسقط لوقوعها بين ياء وكسرة استثقالا لذلك فهلا أسقطتموها لوقوعها بين ياء وضمة استثقالا لذلك، وهي أثقل في قولك: وضؤ يوضؤ، ووسم يوسم إذا صار وسيما، ووقح الحافر يوقح؟
قيل له: إنما أتموا هذا الباب لأنه لزم طريقا واحدا لا يمكن فيه التغيّر في وزنه، فلما ألزموه ذلك ألزموا التمام فيه، وهو أن باب وعد ووزن هو على فعل، وفعل يجيء مستقبله على يفعل ويفعل، فاقتصروا على يفعل منه لما ذكرنا من العلة، فكان اقتصارهم على يفعل تغيّرا لما يوجبه القياس في مستقبل فعل، فحملهم التغيير في ذلك على أن حذفوا الواو أيضا، وهو تغيير أيضا آخر لما فيه من الاستثقال، فكأنهم أتبعوا التغيير التغيير، وهذا التغيير يسلكه سيبويه كثيرا.
وأما قولهم: وسم يوسم فإنه على فعل، ويلزم مستقبل فعل يفعل، فلما لم يغيّر مستقبله الذي هو واجب في الصحيح في مثل: ظرف وكرم لم تحذف الواو منه؛ لأن الأصل هو يفعل فيه، وإن ثبتت الواو، فلما لم يغيّر أحدهما لم يغيّر الآخر. ومما يقوي ذلك أن فعل لا يأتي مستقبله إذا كان في موضع عينه أو لامه حرف من حروف الحلق فيجعل على يفعل، كما يجعل ما كان ماضيه على فعل.
فإن قال قائل: فقد تقع الواو بين ياء وكسرة في مثل يوقن ويوصل فهلا حذفت؟
فالجواب فيه نحو ما ذكرنا أن مستقبل أفعل لا يتغير عن يفعل، كما أن مستقبل فعل لا يتغير عن يفعل، ومع ذلك فإن الواو الساكنة إذا كان قبلها ضمة كالإشباع للضمة، والاستثقال لها أقل.

الصفحة 434