كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 4)

والقوافى مرفوعة، وأول القصيدة
ألم تروا إرما وعادا … أودى بها اللّيل والنّهار
قال: فما جاء آخره " الراء " ك " سفار " وهو اسم ماء، و " حضار " وهو اسم كوكب ولكنهما مؤنثان، ك " ماويّة " والشّعرى، كأن تلك اسم الماءة، وهذه اسم الكوكبة.
قال أبو سعيد: أراد سيبويه أن " سفار " وإن كان اسم ماء، والماء مذكر، فإن العرب قد تؤنث بعض ما فيها فيقولون: ماءة بني فلان، وهو كثير في كلامهم، فكأن سفار اسم الماء، و " حضار " وإن كان اسم كوكب، والكوكب مذكر، فكأنه اسم الكوكبة في التقدير؛ لأن العرب قد أنثت بعض الكواكب فقالوا: " الشّعرى "، و " الزهرة " إذ كان مبنى هذا الباب أن يكون معرفة مؤنثا معدولا. وأما قوله، ك " ماويّة "، فإنما أراد أن (سفار) و (حضار) مؤنثان، كماوية،
والشعرى في التأنيث. والأغلب عندي أن التمثيل " ب (ماوية) غلط في الكتاب، وإن كانت النسخ متفقة عليها وإنما هو كماءة وهو أشبه؛ لأن " سفار " ماء والعرب قد تقول للماء المورود ماءة.
قال الفرزدق:
متى ما ترد يوما سفار تجد بها … أديهم يرمي المستجيز المعوّرا (¬1)
واستدل سيبويه على أن " نزال " وما جرى مجراها مؤنث بقوله: دعيت نزال، ولم يقل دعي. وكان أبو العباس المبرد يحتج لكسر قطام وحذام، وما أشبه ذلك، إذا كان اسما علما مؤنثا أنها معدولة عن قاطمة، وحاذمة علمين، وأنها لم تكن تنصرف قبل العدل، لاجتماع التأنيث والتعريف فيها، فلما عدّلت ازدادت بالعدل ثقلا فحطت عن منزلة ما لا ينصرف، ولم يكن بعد منع الصرف إلا البناء فبنيت، وهذا قول يفسّد؛ لأن العلل المانعة للصرف يستوي فيها أن تكون علتان أو ثلاث.
لا يزداد ما لا ينصرف بورود علة أخرى على منع الصرف، ولا يوجب له ذلك
¬__________
- والمخصص 17/ 67.
(¬1) ديوانه 355، والمخصص 17/ 68، والمقتضب 3/ 50، وشرح شذور الذهب 96، واللسان (سفر).

الصفحة 45