كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 4)

والمعنى واحد. وتقول: استعطيت، أي طلبت العطيّة، واستعتبته، أي طلبت إليه العتبى، وهي الرّضا من العتب، " واستفهمت، أي طلبت أن يفهمني، وكذلك استجرت واستثرت واستخرجته، أي لم أزل أطلب إليه حتى خرج. وقد يقولون: اخترجته شبهوه بافتعلت وانتزعته ".
وذكر أبو بكر مبرمان عن أصحابه الذين أخذ منهم التفسير أن استخرجته طلبت خروجه وقتا بعد وقت، واخترجته أخرجته دفعة، كما قالوا: انتزعته.
" وقالوا: قرّ في مكانه واستقرّ، وقالوا: جلب الجرح وأجلب " والمعنى واحد.
قال سيبويه: وأما استحقّه فإنه يقول: طلب حقه، واستخفّه: طلب خفّته، واستعمله: طلب إليه العمل، واستعجلت زيدا إذا طلبت عجلته، فإذا قلت:
استعجلت غير متعدّ إلى مفعول فمعناه طلبت ذلك من نفسي وكلّفتها إياه. والباب في استفعلت الشيء أن يكون للطلب أو الإصابة، كقولك: استجدته، وما عدا ذلك فإنه يحفظ حفظا، كقولك: " علا قرنه واستعلاه، وقرّ في المكان واستقرّ، ومنه في التحول من حال إلى حال: استنوق الجمل، إذا تخلّق بأخلاق الناقة، واستتيست الشاة إذا أشبّهت بالتيس.
قال: " وإذا أراد الرجل أن يدخل نفسه في أمر حتى يضاف إليه ويكون من أهله فإنك تقول: تفعّل، وذلك تشجّع وتبصّر وتحلّم وتجلّد وتمرّأ، وتقديرها تمرّع، أي صار ذا مروءة، وقال حاتم طيّيء:
تحلّم عن الأدنين واستبق ودّهم … ولن تستطيع الحلم حتى تحلّما (¬1)
وليس هذا بمنزلة تجاهل؛ لأن هذا يطلب أن يصير حليما.
وتجاهل يري من نفسه غير الذي هو، وقد مضى ذلك.
" وقد تجيء تقيّس وتنزر وتعرّب على هذا ".
يعني أنه يقال للرجل: تقيّس إذا دخل في قيس حتى يضاف إليه، ويكون من أهله، وكذلك تنزر إذا دخل في نسب نزار.
وقد دخل استفعل هاهنا، قالوا: تعظم واستعظم، وتكبّر واستكبر، كما شارك تفاعلت تفعّلت الذي ليس في هذا المعنى، ولكنه استثبات، وذلك قولهم:
¬__________
(¬1) انظر ملحق ديوانه ص: 312، ديوان حاتم الطائي ص: 81.

الصفحة 450