كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 4)

هذا باب ما تقول العرب ما أفعله، وليس فيه فعل وإنما يحفظ هذا حفظا ولا يقاس عليه
" قالوا: " أحنك الشاتين " و " أحنك البعيرين "، كما قالوا: " أكل الشاتين " كأنهم قالوا: حنك ونحو ذلك، فإنما جاءوا بأفعل على نحو هذا وإن لم يتكلموا به، وقالوا:
آبل الناس كلهم، كما قالوا: أرعى الناس كلهم، كأنهم قالوا: أبل يأبل. وقالوا: رجل آبل وإن لم يتكلموا بالفعل. وقالوا: آبل الناس بمنزلة آبل منه، لأن ما جاز فيه أفعل الناس جاز فيه هذا، وما لم يجز فيه ذلك لم يجز فيه هذا. وهذه الأشياء التي ليس فيها فعل ليس القياس فيها أن يقال أفعل منه ونحو ذلك. وقد قالوا: فلان آبل منه كما قالوا: أحنك الشاتين "
قال أبو سعيد: اعلم أن الأصل في التعجب أن يدخل على ما له فعل، لأنه نقل الفعل بدخول الهمزة في أوله، كقولك: قعد وأقعده غيره، وذهب وأذهبه غيره، ولم يستعمل حنك ولا أبل. وقد قالوا: أحنك الشاتين وآبل الناس كأنهم قدروا له فعلا. وقد قالوا: آبل وإن لم يكن له فعل، كما قالوا: رابح ونابل وإن لم يكن له فعل، وآبل فاعل، وبناء فاعل يجري على الفعل، فصار كأن له فعلا. ومثله مما ليس في الباس فارس، وما أفرسه، وهو أفرس وإن لم يستعملوا منه فعلا، فأجروه على ما ذكرت لك.

هذا باب ما يكون " يفعل " من " فعل " فيه مفتوحا
" وذلك إذا كانت الهمزة أو الهاء أو العين أو الغين أو الحاء أو الخاء لاما أو عينا، وذلك قولك: قرأ يقرأ، وبدأ يبدأ، وخبأ يخبأ، وجبه يجبه، وقلع يقلع، ونفع ينفع، وقرع يقرع، وسبع يسبع، وضبع يضبع، وذبح يذبح، ومنح يمنح، وسلخ يسلخ، ونسخ ينسخ "
ولم يذكر سيبويه الغين لاما، وقد جاء منه دمغ يدمغ، وثلغ رأسه يثلغه " فهذه الحروف في هذه الأفعال لامات، وأما ما كانت فيه عينات فهو كقولك: سأل يسأل، وثأر يثأر، وذأل يذأل، والذألان: المرّ الخفيف، وذهب يذهب، وقهر يقهر، ومهر يمهر، وبعث يبعث، وفعل يفعل، ونحل ينحل، ونخر ينخر، وشحج يشحج، ومغث يمغث، وفغر يفغر، وشغر يشغر " والشّغر: أن يرفع الكلب إحدى رجليه ليبول، والمغث: تقلّب النفس وغثيانها، والفغر: فتح الفم.
" وإنما فتحوا هذه الحروف لأنها سفلت في الحلق، وكرهوا أن يتناولوا حركة ما

الصفحة 476