كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 4)

قال: " وأما عمرويه فإنه زعم- يعني الخليل- أنه أعجمي وأنه ضرب من الأسماء الأعجمية وألزموا آخره شيئا لم يلزم الأعجمية، فكما تركوا صرف الأعجمية جعلوا ذا بمنزلة الصوت؛ لأنهم رأوه قد جمع أمرين فحطّوه درجة عن إسماعيل وأشباهه، وجعلوه في النكرة بمنزلة غاق منونة مكسورة في كل موضع "
قال أبو سعيد: الذي أوجب بناء عمرويه أن المضاف إلى عمرو صوت وهو في كلام العجم على غير هذا اللفظ، إنما هو عمروه وإنما هو زيادة صوت في اسم " عمرو " المعروف في كلام العرب، فغيروا لفظ الصوت والصوتية مبقاة؛ لأن أصوات العرب بالبهائم وغيرها تخالف أصوات العجم، كما اختلفت سائر ألفاظهم. وبنوه على الكسره لاجتماع الساكنين، وجعلوا علامة التنكير فيه التنوين. تقول هذا عمرويه وعمرويه آخر، وعلى هذا تقول هذا زبلويه آخر، فينونونه لأنه نكرة.
وللمحتج عن المبرد أن يحتج له بقول سيبويه: إنه بني لما انحط عن إسماعيل، كما احتج المبرد في حذام وقطام؛ لأنها لما عدلت صارت أثقل من حازمة وقاطمة معرفة.
وأظن أبا العباس أخذ ذلك من لفظ سيبويه. ويجوز أن يكون أراد سيبويه أنه جمع أمرين من اسم وصوت يوجب البناء فحطوه درجة عن إسماعيل لذلك. ولحاق النون في هذه المبنيات علامة للتنكير، إلا أن منها ما لم تستعمله العرب إلا منكورا، ومنها ما استعملته على التنكير والتعريف.
فمما استعلمتة منكّرا فقط قولهم: إيها يا زيد إذا أردت اكفف، وويها إذا أغريته، وإيه إذا استزدته، وقد خطّأ الأصمعىّ ذا الرمة في قوله:
وقفنا فقلنا إيه عن أم سالم … وما بال تكليم الدّيار البلاقع (¬1)
فقال: ترك التنوين في " إيه " وقوم من النحويين أنكروا قول الأصمعي وصوبوا ذا الرمة فقالوا: أتى به معرفة كما يقال غاق وغاق، وقد أصاب الأصمعي في ذلك؛ لأنه أراد أن العرب لم تستعمل " إيه " الا منكورا فلا يجوز استعماله معرفة كما لا يجوز ترك التنوين في " ويها وإيها " وإنما يجعل هذا من ذي الرمة على الضرورة لما اضطر تأوله معرفة.
وأما ما يجوز فيه الأمران جميعا فغاق وغاق، وهو حكاية صوت الغراب، وحاي
¬__________
(¬1) البيت في ديوانه 355، والمقتضب 3/ 179، وابن يعيش 4/ 31، واللسان (ايه).

الصفحة 67