كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 4)

وعاي، وحاي وعاي وهما صوتان بالغنم، وجاه وجاه وهما زجر السبع، وصه وصه ومه ومه وهيهات وهيهات. وذلك كثير في كلامهم.
قال: وسألت الخليل عن قوله فداء فقال: بمنزله أمس يعني أنه مبني وإنما بني، لأنه وضع موضع الأمر كأنه قال ليفدك أبي وأمي، ونوّن لأنه نكرة كما عمل بغاق حين نكر، وإنما صار نكرة لأنهم أرادوا أنه يفديك في ضرب من ضروب ما يفدى به الإنسان من موت أو مرض وهذا كلام مختصر، وكان الأصل جعل الله أبي وأمي فداءك، أو جعل الله فلانا فداءك على حسب ما تذكره، ثم جعله أمرا لذلك الفادي فقال: ليفدك فلان ثم فداء لك فلان، وقد روي بيت النابغة على ثلاثة أوجه، وهو قوله:
مهلا فداء لك الأقوام كلهم … وما أثمر من مال ومن ولد (¬1)
وفداء، وفداء، والكسر على ما ذكرت له والفتح على المصدر، كأنه قال فداك فداء الأقوام، والرفع على الابتداء والخبر كأنه قال: الأقوام فادون لك.
قال: وأما يوم يوم، وصباح مساء، وبيت بيت وبين بين، فإن العرب تختلف في ذلك؛ بعضهم يجعله بمنزلة اسم واحد وبعضهم يضيف الأول إلى الثاني. وإنما يجعل بمنزلة اسم واحد إذا كان ظرفا وحالا.
وتجوز إضافته أيضا في الظرف والحال وإذا لم يكن ظرفا ولا حالا لم تجز غير إضافته. تقول: لقيت زيدا صباح مساء ويوم يوم وحين حين، وإن شئت صباح مساء ويوم يوم، فهذا ظرف، وتقول: زيد جارى بيت بيت ولقيته كفة كفة، وإن شئت بيت بيت وكفّة كفّة، فهذا حال، كأنك قلت: هو جاري ملاصقا ولقيته متفاجئين أو متواجهين. فإن قلت آتيك في كل صباح مساء وآتيك في كل يوم يوم لم يجز غير الإضافة، والدليل على ذلك أنهم قد يستعملون فيها حرف الجر، كقولها هو جاري بيتا لبيت، وحكى يونس أن رؤبة كان يقول: لقيته كفّة عن كفة. وحرف الجر إذا حذف أضيف الأول إلى الثاني كقولك: غلام زيد، والأصل: غلام لزيد، وثوب خزّ، والأصل:
ثوب من خزّ.
ولم يستعمل ذلك بمنزلة اسم واحد في كل مكان، كما لم يستعمل يا ابن عمّ ويا
¬__________
(¬1) البيت في ديوانه 26، والخزانة 6/ 181، وابن يعيش 4/ 73.

الصفحة 68