كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 4)

قال سيبويه: " وزعم الخليل أن " فعولا " و " مفعالا " إنما امتنعتا من الهاء، لأنهما إنما وقعتا في الكلام على التذكير، ولكنه يوصف به المؤنث كما يوصف بعدل ورضا ".
وإنما أراد " بفعول "، و " مفعال " قولنا: امرأة صبور وشكور ومذكار ومئناث.
إذا سميت بشيء من ذلك رجلا صرفته؛ لأنها صفات مذكرة لمؤنث ك (حائض) و (طامث) وقد مضي الكلام في ذلك.
وكذلك إن سميت رجلا ب (قاعد) تريد القاعد التي هي صفة للمرأة الكبيرة القاعد من الزوج، وكذلك إن سميت رجلا ب (ضارب) تريد: صفة الناقة الضارب.
والناقة الضارب هي التي قد ضربها الفحل.
وكذلك إن سميته ب (عاقر) صفة المرأة.
كل ذلك منصرف على ما شرحته لك؛ لأنه مذكر، وإن وقع لمؤنث كما يقع المؤنث للمذكر كقولنا: عين القوم، وهو ربيئتهم الذي يحفظهم فأوقعت عليه " عين " وهو رجل ثم شبه سيبويه تقديره (حائضا) صفة لشيء، ولم يستعملوه، بقولهم: " الأبرق " و " أبطح " و " أجرع " و " أجدل " فيمن ترك الصرف لأنها صفات، وإن لم يستعملوا الموصوفات.
قال: وكذلك " جنوب " " شمال " و " قبول " و " دبور " و " حرور " و " سموم " إذا سميت رجلا بشيء منها صرفته، لأنها صفات في أكثر كلام العرب.
سمعناهم يقولون: هذه ريح حرور، وهذه ريح شمال، وهذه الريح الجنوب، وهذه ريح سموم وهذه ريح جنوب.
سمعنا ذلك من فصحاء العرب لا يعرفون غيره. قال الأعشى:
لها رجل كحفيف الحصاد … صادف بالليل ريحا دبورا (¬1)
ومعنى قول سيبويه: سمعنا ذلك من فصحاء العرب أي من جماعة منهم فصحاء لا يعرفون غيره.
قال: ويجعل اسما، وذلك قليل.
¬__________
(¬1) البيت بالديوان: 99.

الصفحة 9