كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 4)

معدَّل الخلق لا طول ولا قصر ... مكمَّل الخلق لا هين ولا شرس
يصحُّني حبُّه طوراً ويمرضني ... فكم أبل من البلوى وأنتكس
حموه عن كلِّ ما يشفى الغليل به ... حتَّى على طيفه من شكله حرس
قد كنت أبصر صبحًا في محبَّته ... فعاد وهو بعيني كلُّه غلس
مالي وللحب يلهي القلب عن مدح ... أوصافها فصح أضدادها خرس
كيف الذُّهول وتاج الدِّين هير فتى ... خير المديح لخير النَّاس يلتمس
حبر تفيض له نفس بهمَّتها ... لم يبق للشُّر لا روح ولا نفس
نور تلقَّته نفس منك طاهرة ... لولاه لم يبد فينا ذلك القبس
شاركت في الرُّوح عيسى ما استبَّد بها ... كلاكما في البرايا روحه قدس
حكمت في العالم العلويِّ عن نظر ... صاف من الشَّك ما في فكره دنس
فلو رأى منك جالينوس معجزةً ... ما قال في الكلِّ إنَّ الأمر ملتبس
/303 ب/ وكاد يؤمن من بقراط الحكيم بما ... يلقى إليه ولا يرتاب برقلس
وحومة مزجت شكًّا جوانبها ... فما درى الحبر فيها كيف ينغمس
أعيى الخواطر فيها حادث جلل ... واستعبد النُّطق في أرجائها الخرس
حتَّى إذا جاء تاج الدِّين فرَّجها ... تغضي البيادق مهما عدًّت الفرس
وقال أيضًا وأنشدنيه: [من الخفيف]
مرحبًا بالخيال إذا زار وهنا ... وشفى لوعة المحبِّ المعنَّى
وقضى حاجةً فسرَّ وسرَّى ... همم القلب عن لبانات لبنى
كلَّما قلت: قد تسلَّيت عنه ... عادني طيفه وعنَّ فعنَّى
شادن لو بدا يفاخر بدراً ... أخجل البدر بالملاحة حسنا
وإذا ما انثنى رأيت كثيبًا ... تحت بند القبا يحمل غصنا
ترك الرُّمح والحسام وأبدى ... سيف لحظ وهزَّ بالقدِّ لدنا
ليلة الدَّير حيث تسمع لحنًا ... حسن النَّظم ما يقارب لحنا
سعدت ليلة رأيت بها الشَّمـ ... ـــــــس وجنح الظَّلام ينجاب عنَّا

الصفحة 365