كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 4)

ويا ليت الحبيب درى نحولي ... فيرحم مدنقًا وجداً يحالف
يطيعني الغرام وعنه صبري ... عصيٌّ لم يزل أبداً يخالف
[595]
القاسم بن محمد بن سراج /311 أ/ بن أبي عبد الله بن سعد بن منصور الحلبيُّ

من إنشاء حلب وأبنائها، وسروات أهلهما وكبرائه قدراً وحزمة وجاهًا ونعمة. وكان في بدء أمره، واقتبال شبابه يعاني التجارة والسفر إلى الديار المصرية، ثم إلى البلاد الرُّومية، ولا يتعدّى في سفره أكثر من ذلك. وكان من مهامه في الأسفار والتنقل قد حصل انموذجًا جيداً من الأدب، وكتب خطًا حسنًا.
ورأى جماعة من الشعراء والفضلاء، واستظهر من أقوالهم وروى عنهم، وخالطهم في تلك المدّة، وإتباع كثيراً من الكتب الأدبيات والشعريات، ولهج بمطالعتها، وشغف بتحصيلها والاقتباس من فوائدها حتى صار على خاطره صدر صالح من بدائع الأشعار، ورائق الملح والحكايات. ونظم الفائق من الشعر وضمنه المعاني النادرة.
ثم ترك السفر له بأخرة حانوتًا في سوق البنّ يتَّجر فيه، وهو على سيرة جميلة في بيعه وشرئاه وأخذه وعطائه مع الناس ذو كلام مقبول، وقول مسموع، واحترام وافر.
وجمعني وإياه مجلس الوزير مؤيد الدين أبي نصر إبراهيم بن يوسف الفقطي بمحروسة حلب عدة مرار، وتأكدَّت /311 ب/ بيننا معرفة وكيدة، فوجدته من أكمل الرجال نباهة قدر، وسعة نفس وصدر، وغزارة مروءة وسماحة بنان. وطيب عشرة، وحسن صحبة. يتعصب لمن يرد عليه تعصبًا زائداً، وينفعه بجاهه وماله، ويجتهد في قضاء حوائجه، ويتوصل إلى أغراضه بكّ طريق.
وهو نعم الرجل عقلاً وسكونا وخيراً وصلاحًا فالله تعالى أن يبلغه أمانيه ويرزقه سعادة الدنيا والآخرة بمحمد وآله أجمعين، أنه جواد كريم.
أخبرني أنه ولد في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وخمسمائة، ومما أنشدني

الصفحة 375