كتاب قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر (اسم الجزء: 4)

وكان عالما كبيرا مشهورا، عارفا بأدلة الفقه، بصيرا بدقائقها وإشكالاتها.
ولما نزل القاضي جعفر المعتزلي من صنعاء ونواحيها للمناظرة .. أمر الإمام يحيى بن أبي الخير الفقيه عليا هذا أن يطلبه في إبّ ونواحيها ويناظره، فسار إليه، فلم يجتمع به إلا بحصن شواحط-بضم الشين المعجمة، وفتح الواو، ثم ألف، ثم حاء مكسورة، ثم طاء مهملتين، حصن قريب من قرية الملحمة-متعززا بصاحب الحصن الشيخ محمد بن أحمد المسكيني-من عرب يعرفون ببني مسكين، بيت رئاسة متأثلة، خرج منهم جمع من الفضلاء -فناظره في خلق أفعال العباد، فأفحمه وقطع بعد أن كاد القاضي جعفر يستزل صاحب الحصن وغيره ويغويهم بتلبيساته ودعواته بأن لا أحد يفحمه، وأنه قد ناظر أهل العراق وغيرهم، فلم يقم له أحد بزعمه، فلما أفحمه الفقيه علي وأبلسه، وقطع حجته وأخرسه ..
ضحك منه صاحب الحصن وأصحابه، وتحققوا كذبه في دعواه، وقال له الفقيه علي: أما النصيحة في الدين .. فإني أعلم أنك لا تقبلها، ولكن خذ مني نصيحة تنفعك في دنياك:
لا تحاج ولا تجادل بعدها فقيها جدليا، والعجب منك كيف تكون بهذا الحال، وتقدم بلاد العلماء والفضلاء، وتظهر مقالتك، وتظن أنك تظفر بهم أو تظهر عليهم وهذا حالك ولم تبلغ غير إبّ! فكيف لو نزلت إلى ذي أشرق .. لوجدت بحرا تغرق في موجه، وما أرى أنك كنت تخلص! !
وتوفي الفقيه علي بقريته العقيرة سنة تسعين وخمس مائة تقريبا.

2651 - [علي اليحيوي] (1)
علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الأغر اليحيوي.
قال ابن سمرة: (تفقه بالفقيه علي بن عبد الله الهرمي المتقدم ذكره) (2).
ونقل الجندي عن بعض أهل الفقيه عليّ المذكور: أن معظم تفقهه بأبيه، ثم بالفقيه علي الهرمي (3).
_________
(1) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 215)، و «السلوك» (1/ 359)، و «العطايا السنية» (ص 451)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 307)، و «تحفة الزمن» (1/ 286)، و «هجر العلم» (3/ 1436).
(2) «طبقات فقهاء اليمن» (ص 215).
(3) انظر «السلوك» (1/ 359).

الصفحة 358