كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 4)
وعن سالم بن عبيد رضي الله تعالى عنه- وكانت له صحبة- قال:
أغمي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مرضه، ...
الثّلاثاء، والأوّل عليه الأكثر.
وأما غسله وتكفينه، ففعلت يوم الثّلاثاء؛ كما في «المواهب» .
وإنّما أخّر دفنه صلى الله عليه وسلم مع أنّه يسنّ تعجيله!! لعدم اتّفاقهم على دفنه، ومحلّ دفنه، ولدهشتهم من ذلك الأمر الهائل، الّذي لم يقع قبله ولا بعده مثله. وذلك لأنّه لمّا وقعت هذه المصيبة العظمى والبليّة الكبرى؛ وقع الاضطراب بين الأصحاب، كأنّهم أجساد بلا أرواح!! وأجسام بلا عقول!! حتّى إنّ منهم من صار عاجزا عن النّطق! ومنهم من صار ضعيفا نحيفا! وبعضهم صار مدهوشا! وشكّ بعضهم في موته، وكان محلّ الخوف من هجوم الكفّار، وتوهّم وقوع المخالفة في أمر الخلافة بين الأبرار، فاشتغلوا بالأمر الأهمّ؛ وهو البيعة لما يترتّب على تأخيرها من الفتنة، وليكون لهم إمام يرجعون إليه فيما ظهر لهم من القضيّة؛ فنظروا في الأمر، فبايعوا أبا بكر، ثمّ بايعوه من الغد بيعة أخرى، وكشف الله به الكربة، من أهل الرّدّة، ثمّ رجعوا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فغسّلوه، وصلّوا عليه ودفنوه، بملاحظة رأي الصّدّيق رضي الله تعالى عنه. والله وليّ التّوفيق؛ قاله في «جمع الوسائل» .
(و) أخرج التّرمذيّ في «الشّمائل» ؛ قال: حدّثنا نصر بن علي الجهضمي؛ قال: حدّثنا عبد الله بن داود؛ قال: حدّثنا سلمة بن نبيط؛ قال: أخبرنا عن نعيم بن أبي هند عن نبيط بن شريط؛ (عن سالم بن عبيد) - بالتّصغير- الأشجعيّ:
صحابيّ من أهل الصّفّة (رضي الله تعالى عنه) ، خرّج له الأربعة، ومسلم، ولذلك قال المصنّف تبعا ل «الشّمائل» : (وكانت له صحبة؛ قال:
أغمي) - بصيغة المجهول- (على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه) لشدّة ما حصل له من الضّعف، وفتور الأعضاء، فالإغماء جائز على الأنبياء، لأنّه من المرض.