كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 4)

فاتّكأ عليهما، فلمّا رآه أبو بكر ذهب لينكص؛ فأومأ إليه أن يثبت مكانه حتّى قضى أبو بكر صلاته.
أحدهما العبّاس، ورجل آخر، وفسّر بعلي. وفي طريق آخر: ويده على الفضل بن عباس، ويده على رجل آخر. وجاء في غير مسلم: بين رجلين؛ أحدهما أسامة.
وفي رواية مسلم: العبّاس وولده الفضل، وفي أخرى: العبّاس وأسامة.
وجمعوا بين هذه الرّوايات على تقدير ثبوت جميعها بتعدّد خروجه. وخصّوا بذلك، لأنّهم من خواصّ أهل بيته؛ كذا في شروح «الشّمائل» .
(فاتّكأ) ؛ أي: اعتمد (عليهما) كما يعتمد على العصا (فلمّا رآه أبو بكر ذهب) ؛ أي: طفق (لينكص) ؛ أي: ليرجع إلى ورائه القهقرى. يقال: نكص على عقبيه: رجع. وبابه: دخل؛ وجلس، فيصحّ قراءة ما هنا بضمّ الكاف وكسرها، والأولى أن تضبط بكسرها، لأنّه المطابق لما في القرآن، حيث قال تعالى عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) [المؤمنون] بالكسر لا غير.
(فأومأ) - بالهمز- على الصّحيح أي: أشار النّبيّ صلى الله عليه وسلم (إليه) ؛ أي: إلى أبي بكر (أن يثبت مكانه) ليبقى على إمامته، ولا يتأخّر عن مكانه فثبت (حتّى قضى أبو بكر صلاته) أي: أتمّها، فهو مرتبط بمحذوف كما قدرته.
وظاهر ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم اقتدى بأبي بكر، وقد صرّح به بعض الرّوايات، لكن الّذي في رواية «الصحيحين» : كان أبو بكر رضي الله عنه يصلّي قائما ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي قاعدا يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنّاس يقتدون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه.
والمراد أنّ أبا بكر كان رابطة مبلّغا عنه صلى الله عليه وسلم، فبعد أن أخرج نفسه من الإمامة، صار مأموما. وهذا يدلّ لمذهب الشافعيّ؛ من جواز إخراج الإمام نفسه من الإمامة، واقتدائه بغيره؛ فيصير مأموما بعد أن كان إماما.

الصفحة 225