كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 4)
ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبض، فقال عمر: والله؛ لا أسمع أحدا يذكر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبض إلّا ضربته بسيفي هذا. قال: وكان النّاس أمّيّين؛ لم يكن فيهم نبيّ قبله،
ويمكن الجمع بين هاتين الرّوايتين بتعدّد الواقعة. انتهى؛ قاله الباجوري، ومثله في المناوي على «الشمائل» . وفيه إشكال لما تقدّم نقله؛ عن الدّمياطي أن أبا بكر صلّى بهم تلك الصّلاة؛ وما بعدها ... إلى تمام سبع عشرة صلاة.
ورواية الشيخين صريحة في أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم هو الّذي صلّى بهم تلك الصّلاة؛ وأبو بكر كان مقتديا به، فهي أولى بالاعتماد من غيرها.
(ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض) أي: مات؛ وأبو بكر الصّدّيق غائب بالعالية عند زوجته بنت خارجة، وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم أذن له في الذّهاب.
(فقال عمر) وقد سلّ سيفه (: والله؛ لا أسمع أحدا يذكر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض إلّا ضربته بسيفي هذا!!؟» ) .
والحامل له على ذلك ظنّه عدم موته، وأنّ الّذي عرض عليه غشي أو استغراق وتوجّه للذات العلية، ولذلك كان يقول أيضا: إنما أرسل إليه صلى الله عليه وسلم كما أرسل إلى موسى صلى الله عليه وسلم فلبث عن قومه أربعين ليلة، والله؛ إنّي لأرجو أن يقطع أيدي رجال، وأرجلهم، أي: من المنافقين، أو المرتدّين.
(قال) سالم (: وكان النّاس) أي: العرب، بقرينة السّياق (أمّييّن) ، لقوله تعالى هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ [2/ الجمعة] . قال جمهور المفسّرين:
الأمّيّ: من لا يحسن الكتابة والقراءة. أي: لا يقرؤون ولا يكتبون. هذا هو معنى الأمّييّن في الأصل، والمراد بهم هنا: من لم يحضر موت نبيّ قبله، فقوله (لم يكن فيهم نبيّ قبله!!) تفسير وبيان للمراد بالأمّييّن؛ بأنّهم لم يشاهدوا موت نبيّ ولا عرفوه من كتاب.
وسبب العلم بموته: إمّا دراية كتب الأنبياء، أو مشاهدة موته، وكلاهما منفيّ عن العرب.