كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 4)
قالوا: يا صاحب رسول الله؛ أيدفن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: نعم، قالوا: أين؟ قال: في المكان الّذي قبض الله فيه روحه، فإنّ الله لم يقبض روحه إلّا في مكان طيّب، فعلموا أن قد صدق.
روي عن عليّ كرّم الله وجهه أنّه قال: لا يؤمّ أحدكم عليه، لأنّه إمامكم حال حياته، وحال مماته.
وورد في بعض الرّوايات أنّه صلى الله عليه وسلم أوصى على الوجه المذكور، ولذا وقع التّأخير في دفنه، لأنّ الصّلاة على قبره صلى الله عليه وسلم لا تجوز؛ قاله ملّا علي قاري في «جمع الوسائل» .
قال الباجوري: وجملة من صلّى عليه من الملائكة ستّون ألفا، ومن غيرهم ثلاثون ألفا. انتهى. هذا أمر توقيفيّ؛ يحتاج إلى دليل. والله أعلم.
(قالوا: يا صاحب رسول الله؛ أيدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) ؛ أي: أو يترك بلا دفن؟ لسلامته من التّغيّر، أو لانتظار رفعه إلى السّماء؟ (قال: نعم) ؛ أي:
يدفن في الأرض، لقوله تعالى مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (55) [طه] ، ولأنّه من سنن الأنبياء والمرسلين (قالوا: أين) يدفن؟ كما تقدّم من الخلاف في دفنه. (قال:) يدفن (في المكان الّذي قبض الله فيه روحه، فإنّ الله لم يقبض روحه إلّا في مكان طيّب، فعلموا أن) ؛ أي: أنّه (قد صدق) فيما قال.
وورد مثل هذا عن أمير المؤمنين عليّ كرّم الله وجهه، فقد أخرج ابن الجوزيّ في «الوفاء» ؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه؟ فقال لي عليّ رضي الله عنه: إنّه ليس في الأرض بقعة أكرم على الله من بقعة قبض فيها نفس نبيّه صلى الله عليه وسلم. قال الشّريف السّمهوديّ: فهذا أصل الإجماع على تفضيل البقعة التي ضمّت أعضاءه على جميع الأرض، حتّى من الكعبة!.
انتهى.