كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 4)

فقالوا: انطلق «1» بنا إلى إخواننا من الأنصار ندخلهم معنا في هذا الأمر، فقالت الأنصار: منّا أمير، ومنكم أمير، ...
النّاس؛ من كان يعبد محمّدا؛ فإنّ محمّدا قد مات! ومن كان يعبد الله؛ فإنّ الله حيّ لا يموت، ولا بدّ لهذا الأمر ممّن يقوم به، فانظروا، وهاتوا رأيكم! فقالوا صدقت.
واجتمع المهاجرون، (فقالوا) لأبي بكر (: انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار) ولعلّهم لم يطلبوا الأنصار إلى مجلسهم!! خوفا أن يمتنعوا من الإتيان إليهم؛ فيحصل اختلاف وفتنة، وقوله: (ندخلهم) - بالجزم؛ في جواب الأمر- (معنا في هذا الأمر) ؛ أي: التّشاور في الخلافة، وكان من جملة القائلين: عمر رضي الله تعالى عنه حيث صرّح بالعلّة بقوله: مخافة إن فارقنا القوم؛ ولم تكن لهم بيعة معنا، أن يحدثوا بعدنا بيعة؟ فإمّا أن نبايعهم على ما لا نرضى، أو نخالفهم؛ فيكون فساد.
(فقالت الأنصار) - مرتّب على محذوف، والتّقدير: فانطلقوا إليهم- وهم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة- فتكلّموا معهم في شأن الخلافة، فقال قائلهم الحباب بن المنذر (: منّا أمير، ومنكم أمير!!) على عادتهم في الجاهلية، قبل تقرّر الأحكام الإسلامية، فإنّه كان لكلّ قبيلة شيخ ورئيس يرجعون إليه في أمورهم وسياستهم.
ولهذا كانت الفتنة مستمرّة فيهم إلى أن جاء النّبي صلى الله عليه وسلم وألّف بين قلوبهم، وعفا الله عمّا سلف من ذنوبهم.
ولمّا قالوا ذلك ردّ عليهم أبو بكر الصّدّيق، وقال: نحن الأمراء، وأنتم الوزراء، فكونوا معنا واستدلّ بقوله تعالى لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) [الحشر] مع
__________
(1) في «وسائل الوصول» : انطلقوا.

الصفحة 232