كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 4)

ولا تخالطه الظّنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تغيّره الحوادث، ولا يخشى الدّوائر، يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، ...
حتى إذا جاءه لم يجده شيئا!! وليس لنا في هذا إلّا ما جاءنا من طريق رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد جاءنا بما لا تبقى معه شبهة، ولا يرفعه شكّ، ولا يدخله خيال. انتهى.
(تحفة الذاكرين) للشوكاني رحمه الله تعالى.
(ولا تخالطه الظّنون) ، قال الشوكانيّ: أي: أنّ علمه عزّ وجلّ عن يقين، فهو العالم بخفيّات الأمور ودقائقها؛ كما يعلم بظواهرها وجلياتها. انتهى.
وقال ابن الجزري: أي لا يدخل في علمه شكّ، بل يعلم الجزئيّات على وجه التحقيق.
وقال عليّ القاري: والأولى أن يقال: المعنى: لا تبلغ كنه ذاته وصفاته الأوهام والظنون، حتى يناسب ما قبله وما بعده. وقيل: معناه يعلم الكليّات والجزئيّات؛ إجمالا وتفصيلا، ولا يدخل في علمه شكّ ولا ظنّ ولا وهم، بل هو يعلم الكليّات جميعا على ما هي عليه.
(ولا يصفه الواصفون) ؛ أي: يعجز الواصفون عن وصف حقيقته تبارك وتعالى، كما يعجز العادّون عن إحصاء نعمته؛ أي: لا يقدرون على ذلك، كما قال عزّ وجلّ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (110) [طه] . فلا أحد من عباده يقدر على إحصاء الثناء عليه والوصف له، بل: هو كما أثنى على نفسه.
(ولا تغيّره الحوادث) الكائنة في الزمان على اختلاف أنواعها، لأنه إنّما تغيّر بتغيّرها العالم الحادث؛ لا القديم الواجب الوجود والبقاء سبحانه وتعالى.
(ولا يخشى الدّوائر) ؛ أي: لا يخاف عواقب الأمور وحوادث الدّهور.
وقال ابن الجزري: أي: دوائر الزمان وتقلّباته.
(يعلم مثاقيل الجبال) ؛ أي: مقادير وزنها وعدد حصيّاتها.
(و) يعلم (مكاييل البحار) ؛ أي: مقدارها كيلا وعدد قطراتها.

الصفحة 512