كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 4)

.........
فنزلت إلى عيالي فسرّوا بي بعد أن فزعوا منّي؛ لمّا رأوني ورأوا ما بي من تغير الحال والهيئة، ثمّ إنّي حججت من عامي، فبينا أنا أطوف وأدعو بهذا الدعاء إذا أنا بشيخ قد ضرب يده على يدي؛ وقال لي: من أين لك هذا الدعاء؟! فإن هذا الدّعاء لا يدعو به إلا طائر ببلاد الرّوم. [قلت] : تعلّمت الدعاء من الطائر!! فقال:
صدقت. فسألت الشيخ عن اسمه فقال: أنا الخضر. وهو هذا الدعاء:
«اللهمّ إنّي أسألك؛ يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظّنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تغيّره الحوادث ولا الدّهور، يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد ما يظلم عليه اللّيل ويشرق عليه النّهار، ولا تواري منه سماء سماء، ولا أرض أرضا، ولا جبل إلّا يعلم ما في وعره وسهله، ولا بحر إلّا يعلم ما في قعره وساحله.
اللهمّ؛ إنّي أسألك أن تجعل خير عملي آخره، وخير أيّامي يوم ألقاك فيه، إنّك على كلّ شيء قدير. اللهمّ من عاداني فعاده، ومن كادني فكده، ومن بغى عليّ بهلكة فأهلكه، ومن أرادني بسوء فخذه، وأطفىء عنّي نار من أشبّ لي ناره، واكفني همّ من أدخل عليّ همّه، وأدخلني في درعك الحصينة، واسترني بسترك الواقي؛ يا من كفاني كلّ شيء، اكفني ما أهمّني من أمر الدّنيا والآخرة، وصدّق قولي وفعلي بالتّحقيق؛ يا شفيق، يا رفيق؛ فرّج عنّي كلّ ضيق، ولا تحمّلني ما لا أطيق، أنت إلهي الحقّ الحقيق، يا مشرق البرهان، يا قويّ الأركان، يا من رحمته في كلّ مكان؛ وفي هذا المكان، يا من لا يخلو منه مكان، احرسني بعينك الّتي لا تنام، واكنفني في كنفك الّذي لا يرام.
إنّه قد تيقّن قلبي ألاإله إلّا أنت، وأنّي لا أهلك وأنت معي؛ يا رجائي، فارحمني بقدرتك؛ يا عليّ، يا عظيما يرجى لكلّ عظيم، يا عليم يا حليم، أنت بحاجتي عليم، وعلى خلاصي قدير، وهو عليك يسير، فامنن عليّ بقضائها؛

الصفحة 516