كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 4)
وصلّى عليه في الأوّلين ...
اللّسانيّ؛ أو يكاد، حيث قال ذلك ولم يقل: غفل عنه!!.
والقول بأنّ المراد الذكر القلبيّ ربّما يرشّحه مقابلة الذكر بالغافلة، ومحلّها القلب، فيكون محلّ الذكر أيضا القلب، لأن الضدّين يجب اتّحاد محلّهما.
وأمّا اللّساني!! فضدّه السكوت ومحلّه اللسان أيضا، إلّا أن يقصد بالغافلة الترك تجوزّا. والضمير في «ذكره» ؟! يحتمل عوده على النّبيّ صلى الله عليه وسلم- كما قرّرناه-، ويصح عوده على الله سبحانه.
روى جماعة؛ عن عبد الله بن عبد الحكم أنّه قال:
رأيت الشافعيّ رحمه الله تعالى في النّوم فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال:
رحمني وغفر لي، ورفعت إلى الجنّة كما يزفّ العروس، ونثر عليّ كما ينثر عليه.
فقلت له: بم بلغت هذه الحالة!؟ فقال: قال لي قائل: «بقولك في كتاب «الرسالة» : وصلى الله على محمّد كلّما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون» .
قال: فلمّا أصبحت نظرت «الرسالة» ؛ فوجدتّ الأمر كما رأيت.
وفي «الإحياء» لحجّة الإسلام الغزاليّ رضي الله تعالى عنه:
روي عن أبي الحسن الشافعيّ قال: رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت:
يا رسول الله؛ بم جوزي الشافعيّ عنك، حيث يقول في كتاب «الرسالة» : وصلى الله على سيدنا محمّد كلّما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون!؟ فقال صلى الله عليه وسلم:
جوزي عنّي أنّه لا يوقف للحساب؛ ذكره الفاسي في «شرح الدلائل» .
(وصلّى) الله (عليه) ؛ أي: رحمه رحمة مقرونة بالتعظيم.
(في الأوّلين) ؛ أي: المتقدّمين بالزمان على هذه الأمّة من أهل الإيمان في الأمم الماضية، أو المراد أوّل هذه الأمّة، هذا إذا كانت الأوّليّة باعتبار زمان وجودهم.
الصفحة 520
532