كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 4)
.........
والمطلوب هنا للنّبيّ صلى الله عليه وسلم: أن يجزى أفضل ما جري به مرسل عمّن أرسل إليهم، فالمسؤول له: إعطاء مثل أفضل جزائهم.
يبقى أنّه صلى الله عليه وسلم أفضلهم ومستحقّ لأفضل من جزائهم، فكيف يطلب له أفضل جزائهم فقط؛ لا أفضل من جزائهم؟!
فيحتمل أن يقال: إنّه لا بأس بالدّعاء له صلى الله عليه وسلم بنحو هذا، إذ هو صلى الله عليه وسلم أهل أن يعطى ما ذكر؛ ولأن يعطى أكثر منه. واقتصر على سؤال ما ذكر له صلى الله عليه وسلم!؟ لأنّه لا يلزم منه نفي الأكثر.
ويحتمل أن يكون المراد طلب ذلك مضافا إلى ما يستحقّه هو، وما هو أهل له. والله أعلم.
قال الشافعيّ رضي الله تعالى عنه: ما من خير عمله أحد من أمّة محمد صلى الله عليه وسلم إلّا والنّبيّ صلى الله عليه وسلم أصل فيه.
قال في «المواهب» : قال في «تحقيق النصرة» : فجميع حسنات المؤمنين وأعمالهم الصالحة في صحائف نبيّنا صلى الله عليه وسلم؛ زيادة على ما له من الأجر، مع مضاعفة لا يحصرها إلّا الله تعالى، لأنّ كلّ مهتد وعامل إلى يوم القيامة يحصل له أجر، ويتجدّد لشيخه مثل ذلك، ولشيخ شيخه مثلاه، وللشّيخ الثالث أربعة، وللرّابع ثمانية، وهكذا تضعيف كلّ مرتبة بعدد الأجور الحاصلة بعده إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وبهذا يعلم تفضيل السّلف على الخلف، فإذا فرضت المراتب عشرة بعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان للنّبيّ صلى الله عليه وسلم من الأجر ألف وأربعة وعشرون، فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر؛ صار أجر النّبيّ صلى الله عليه وسلم ألفين وثمانية وأربعين، وهكذا كلّما ازداد واحد يتضاعف ما كان قبله أبدا- كما قال بعض المحققين-. انتهى.
ولله درّ القائل- وهو سيّدي محمّد وفا- نفعنا الله ببركاته:
فلا حسن إلّا من محاسن حسنه ... ولا محسن إلّا له حسناته
الصفحة 522
532