كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 4)

الإيمان والإسلام، ...
(الإيمان والإسلام) اللّذين هما أجلّ النّعم الدنيويّة والآخرويّة، وأساسها كما هو ظاهر لا يخفى-، وفيه التبرّي ممّا قد يتوهّم نسبته لأوصاف العبد، وقد قال تعالى بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ [17/ الحجرات] ، وقال تعالى وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ [7/ الحجرات] ، وقال تعالى وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ [56/ الروم] ، وقال تعالى أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ [22/ المجادلة] .
وقال أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ [22/ الروم] ... إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدّالّة على أنّ هداية الإيمان بيد الله وحده لا شريك له.
قال الشيخ أبو طالب المكّيّ في «قوت القلوب» : وادّعاء أنّ الإيمان عن كسب معقول، واستطاعة بقوّة وحول هو كفر نعمة، وأخاف على من توهّم ذلك أن يسلب الإيمان، لأنّه بدّل شكر نعمة الله كفرا!!. انتهى.
والإيمان- لغة-: هو التّصديق، وشرعا-: تصديق القلب بما علم مجيء الرّسول صلى الله عليه وسلم به؛ من عند الله ضرورة، أي: الإذعان والقبول له، ولا يعتبر التصديق إلّا بالعمل بتلك الأحكام.
والإسلام: هو الخضوع والانقياد، ولا يتحقّق إلّا بقبول الأحكام، وهي أعمال الجوارح، وإنّما يظهر قبولها في العمل بها؛ فلذلك يفسّر بها فيقال:
الإسلام شرعا: أعمال الجوارح من الطّاعات؛ كالتّلفّظ بالشهادتين، والصلاة، والزكاة، ونحو ذلك. فلو لم يقبل أحكام الشريعة وأبى من التزامها لم يكن خاضعا للألوهيّة، ولا منقادا مستسلما لتدبيرها وأحكامها؛ فلم يكن مسلما.
ولا تعتبر الأعمال المذكورة إلّا مع التصديق المذكور الذي هو الإيمان، فلا يصحّ الإيمان إلّا بالإسلام، ولا الإسلام إلّا بالإيمان، فأحدهما مستلزم للآخر، والإيمان والإسلام شرعا واحد، والمؤمن شرعا مسلم، والمسلم شرعا مؤمن، فتساويا مصدوقا؛ وإن تغايرا مفهوما!!.

الصفحة 524