كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي (اسم الجزء: 4)

(وَلَوْ أَرَادَ الْعَبْدُ إحْلَافَهُ) أَيْ إحْلَافَ سَيِّدِهِ أَنَّهُ نَوَى بِحُرِّيَّتِهِ مَا ذَكَرَ (فَلَهُ ذَلِكَ) فَيَحْلِفُ السَّيِّدُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْعَبْدِ فَعَلَى هَذَا إنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ.

(وَكِنَايَتُهُ) أَيْ الْعِتْقِ (خَلَّيْتُك وَالْحَقْ بِأَهْلِك وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْت، وَأَطْلَقْتُك وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك وَلَا سَبِيلَ) لِي عَلَيْك (وَلَا مِلْكَ) لِي عَلَيْك (وَلَا رِقَّ) لِي عَلَيْك (وَلَا سُلْطَان) لِي عَلَيْك (وَلَا خِدْمَةَ لِي عَلَيْك، وَفَكَكْت رَقَبَتَك، وَأَنْتَ مَوْلَايَ، وَأَنْتَ لِلَّهِ وَوَهَبْتُك لِلَّهِ، وَرَفَعْت يَدِي عَنْك إلَى اللَّهِ، أَنْتِ سَائِبَةٌ، وَمَلَّكْتُك نَفْسَك وَقَوْلُهُ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ) أَنْتِ (حَرَامٌ) فِي الِانْتِصَارِ: وَكَذَا اعْتَدِّي وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي لَفْظِ الظِّهَارِ.

(وَقَوْلُهُ لِعَبْدِهِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ لِكِبَرِهِ أَوْ صِغَرِهِ وَنَحْوِهِ) كَكَوْنِهِ مَمْسُوحًا (أَنْتَ ابْنِي أَوْ) أَنْتَ (أَبِي فَلَا يُعْتَقُ) بِهَا أَيُّ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْكِنَايَاتِ (مَا لَمْ يَنْوِ عِتْقَهُ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَحْتَمِلُ الْعِتْقَ وَغَيْرَهُ فَلَا تُحْمَلُ عَلَيْهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ.
(وَإِنْ) قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ أَبِي أَوْ ابْنِي وَ (أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ عَتَقَ) نَوَاهُ أَوْ لَا (وَلَوْ كَانَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ) لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ.

(وَإِنْ قَالَ) لِرَقِيقِهِ (أَعْتَقْتُك مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ أَوْ) قَالَ لَهُ (أَنْتَ حُرٌّ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ وَنَحْوَهُ) مِمَّا هُوَ مَعْلُومُ الْكَذِبِ لَمْ يُعْتَقْ (أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتَ ابْنِي، أَوْ لِعَبْدِهِ: أَنْتِ ابْنَتِي لَمْ يُعْتَقْ) بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مُحَالٌ مِنْ الْكَلَامِ وَكَذِبٌ يَقِينًا قُلْت: وَإِنْ نَوَى بِهِ الْعِتْقَ عَتَقَ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ لِكِبَرٍ وَنَحْوِهِ: أَنْتَ ابْنِي.

(وَإِنْ أَعْتَقَ) أَمَةً (حَامِلًا عَتَقَ جَنِينُهَا) لِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَتَبِعَهَا فِي الْعِتْقِ (إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ) أَيْ الْحَمْلَ فَلَا يُعْتَقُ لِإِخْرَاجِهِ إيَّاهُ وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ الْحَمْلِ فِي الْعِتْقِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ لِأَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْعِتْقِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ كَالْمُنْفَصِلِ وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْمُعَوَّضِ، لِيُعْلَمَ هَلْ قَامَ مَقَامَ الْعِوَضِ أَوْ لَا؟ وَالْعِتْقُ تَبَرُّعٌ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى مَعْرِفَةِ صِفَاتِ الْمُعْتَقِ وَلَا تُنَافِيه الْجَهَالَةُ بِهِ وَيَكْفِي الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ وَقَدْ وُجِدَ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا دُونَهَا) بِأَنْ قَالَ: أَعْتَقْت حَمْلَك (عَتَقَ) حَمْلُهَا (وَحْدَهُ) وَلَمْ يَسْرِ الْعِتْقُ إلَى أُمِّهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ بِخِلَافِ عَكْسِهِ.

(وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَةً حَمْلُهَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ) أَيْ الْمُعْتِقُ (مُوسِرٌ) بِقِيمَةِ الْحَمْلِ (ك) الْحَمْلِ (الْمُوصِي بِهِ) إذَا أَعْتَقَ الْوَارِثُ الْمُوسِرُ أَمَتَهُ (عَتَقَ الْحَمْلُ) تَبَعًا لِأُمِّهِ بِالسِّرَايَةِ.
(وَضَمِنَ) الْمُعْتِقُ (قِيمَتَهُ) لِلْمُوصَى لَهُ بِهِ، لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ قُلْت: وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ وَضْعِهِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ وَقْتٍ يَتَأَتَّى تَقْوِيمُهُ فِيهِ.

(وَأَمَّا الْمِلْكُ) الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْعِتْقُ (فَمَنْ مَلَكَ) مَنْ جَائِزُ التَّصَرُّفِ وَغَيْرُهُ

الصفحة 512