كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي (اسم الجزء: 4)

حَبَا الصَّبِيُّ (فَبِأَيِّ صِفَةٍ قَيَّدُوا) أَيْ الْمُتَنَاضِلُونَ (الْإِصَابَةَ تَقَيَّدَتْ) الْإِصَابَةُ (بِهَا) لِأَنَّهُ وَصْفٌ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِهِ ضَرُورَةُ الْوَفَاءِ بِمُوجِبِهِ) وَحَصَلَ السَّبْقُ بِإِصَابَتِهِ (أَيْ إصَابَةِ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ عَلَى مَا قَيَّدُوا بِهِ) .

وَإِنْ شَرَطَا إصَابَةَ مَوْضِعٍ مِنْ الْغَرَضِ كَالدَّائِرَةِ فِيهِ تَقَيَّدَ (السَّبْقُ) بِهِ (لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ فَتَعَيَّنَ أَنْ تَتَقَيَّدَ الْمُنَاضَلَةُ بِهِ تَحْصِيلًا لِلْغَرَضِ) .

وَإِذَا كَانَ شَرْطُهُمْ خَوَاصِلَ فَأَصَابَ (الْغَرَضَ) بِنَصْلِ السَّهْمِ حُسِبَ لَهُ (كَيْفَ كَانَ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْخَاصِلَ الَّذِي أَصَابَ الْقِرْطَاسَ (فَإِنْ أَصَابَ) السَّهْمُ الْغَرَضَ (بِعُرْضِهِ أَوْ بِفَوْقِهِ) وَهُوَ مَا يُوضَعُ فِيهِ الْوِتْرُ (نَحْوُ أَنْ يَنْقَلِبُ السَّهْمُ بَيْنَ يَدَيْ الْغَرَضِ فَيُصِيبُ فَوْقَهُ الْغَرَضَ، أَوْ انْقَطَعَ السَّهْمُ قِطْعَتَيْنِ فَأَصَابَتْ الْقِطْعَةُ الْأُخْرَى) الْغَرَضَ (لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ إصَابَةً.

الشَّرْطُ (الرَّابِعُ مَعْرِفَةُ قَدْرِ الْغَرَضِ طُولًا وَعَرْضًا وَسُمْكًا وَارْتِفَاعًا مِنْ الْأَرْضِ) لِأَنَّ الْإِصَابَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ فَوَجَبَ الْعِلْمُ بِهِ أَشْبَهَ تَعْيِينَ النَّوْعِ (وَهُوَ) أَيْ الْغَرَضُ (مَا يُنْصَبُ فِي الْهَدَفِ مِنْ قِرْطَاسٍ أَوْ جِلْدٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ غَيْرِهَا) سُمِّيَ غَرَضًا لِأَنَّهُ يُقْصَدُ (وَيُسَمَّى شَارَةً) وَشَتَا.
وَفِي الْقَامُوسِ: الْقِرْطَاسُ كُلُّ أَدِيمٍ يُنْصَبُ لِلنِّضَالِ (وَالْهَدَفُ: مَا يُنْصَبُ الْغَرَضُ عَلَيْهِ إمَّا تُرَابٌ مَجْمُوعٌ أَوْ حَائِطٌ أَوْ غَيْرُهُمَا) كَخَشَبَةٍ وَحَجَرٍ.

(وَلَا يُعْتَبَرُ) لِصِحَّةِ النِّضَالِ (ذِكْرُ الْمُبْتَدِئِ) مِنْهُمَا (بِالرَّمْيِ) خِلَافًا لِلتَّرْغِيبِ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ وَكَثِيرٌ مِنْ الرُّمَاةِ يَخْتَارُ التَّأَخُّرَ (فَإِنْ ذَكَرَاهُ) أَيْ الْمُبْتَدِئَ (كَانَ أَوْلَى) وَفِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: يُسْتَحَبُّ تَعْيِينُ الْمُبْتَدِئِ بِالرَّمْيِ عِنْدَ عَقْدِ الْمُنَاضَلَةِ انْتَهَى أَيْ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ.

(وَإِنْ أَطْلَقَا) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنَا الْمُبْتَدِئَ عِنْدَ الْعَقْدِ (ثُمَّ تَرَاضَيَا بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا.

(وَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْمُبْتَدِئِ مِنْهُمَا) بِالرَّمْيِ (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْتَدِئَ أَحَدُهُمَا بِالرَّمْيِ لِأَنَّهُمَا لَوْ رَمَيَا مَعًا أَفْضَى إلَى الِاخْتِلَافِ وَلَمْ يُعْرَفْ الْمُصِيبُ مِنْهُمَا وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَصِيرَ إلَى الْقُرْعَةِ.

(وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مَزِيَّةٌ بِإِخْرَاجِ السَّبَقِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ فَلَا يُقَدَّمُ بِذَلِكَ وَقِيلَ: يُقَدَّمُ بِذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ نَوْعًا مِنْ التَّرْجِيحِ، فَعَلَى هَذَا: إنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ أَحَدِهِمَا قُدِّمَ صَاحِبُهُ.
(وَإِنْ كَانَ الْمُخْرِجُ) لِلْعِوَضِ (أَجْنَبِيًّا قَدَّمَ مَنْ يَخْتَارُهُ مِنْهُمَا فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ وَتَشَاحَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي صَرِيحُ كَلَامِ الْمُبْدِعِ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ.

(وَأَيُّهُمَا كَانَ أَحَقَّ بِالتَّقْدِيمِ فَبَدَرَهُ الْآخَرُ فَرَمَى

الصفحة 58