كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 4)

وقوله: الطويل
وَجَيشٍ يُثَنِّي كُلَّ طَوْدٍ كأنَّهُ ... خَرِيقُ رِيَاحٍ وَاجَهَتْ غُصُناً رَطْبا
قال: يصفه بالكثرة حتى إنه إذا مر بجبل شقه بنصفين فتسمع حسيسه كما تشق الريح الخريق الغصن الرطب باثنين.
وأقول: أن قوله: يثني أي: يعطف، من ثنيت، أي: عطفت، فشدده للتكثير والمبالغة، وجعل الطود، في علوه وثباته، كأنه غصن رطب تثنيه الريح الخريق، وهي الشديدة الهبوب، أي: تعطفه. وهذا اقرب إلى الاستعارة، واكثر في المبالغة، والأول اقرب إلى الحقيقة.
وقوله: الكامل
وَهَبِ الملامةَ في اللَّذَاذةِ كالكَرَى ... مَطْرُوَدةً بِسُهَادِهِ وبُكَائِهِ
قال: هذا البيت أطال فيه ابن جني ورد غيره عليه، وكلا القولين غير خال من اضطراب. وعندي إنه يريد أن الكرى المستلذ عندي مطرود عني بالبكاء والسهاد، فهب أنت الملامة اللذيذة عندك مطرودة عنك ككراي المطرود عني.
وأقول: وهذا الذي ذكره لم يخل من اضطراب لأنه يحتاج إلى تتمة.

الصفحة 56