كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 4)

فيقال له: أن العاشق ترك كراه المستلذ عنده لما هو ألذ منه، وهو الهوى، فالعاذل لم يترك الملامة المستلذة عنده في لوم صاحبه، وهو ينتفع بها بانتفاع صاحبه عند القبول لها فينبغي أن يتمم ذلك ويعلل بان يقال: لأنه يزيد في كلفه ويغريه بوجده فينبغي له إذا لم ينقص ما به من الوجد أن لا يزيده. وعندي أن قوله:
وَهَبِ المَلامَةَ في اللَّذَاذَةِ. . . . . . ... . . . . . .
يحتمل معنيين:
أحدهما: أن يكون اللذاذة راجعة إلى العاشق فيقول لعاذله: هب أني استلذ بالملامة وانتفع بها كانتفاعي بالكرى، أفليس الكرى مطرودا بالسهاد والبكاء؟ فاجعل
الملامة مثله.
والوجه الآخر: أن تكون اللذاذة راجعة إلى العاذل فيقول له العاشق: اجعل الملامة عندك في اللذاذة، وانفاعك بها كالكرى عندي، وقد طردته بالسهاد والبكاء، فاجعل الملامة كذلك مطرودة بسهادي وبكائي رحمة لي، فإنها تزيدني ولا تنقصني، وهذا أبلغ ما يحرر في معنى هذا البيت.
وقوله: الطويل
وتَمْشِي بع العُكَّازُ في الدَّيْرِ تَائباً ... ومَا كانَ يَرْضِى مَشْيَ أشْقَرَ أجْرَدَا
قال: قوله:

الصفحة 57