كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 4)

قال: أراد بالمضارع هاهنا المستقبل دون الحال.
وأقول: إن قوله: فعلا مضارعا معناه انك إذا أردت أن تفعل فعلا في الحال الراهنة أو المتأخرة، أي: فعلا على الفور أو التراخي مضى بجودك وباسك، أو بسعادتك، قبل القواطع من الزمان، فكنى بالتقديم والتأخير عن المضارعة إذ هي للحال والاستقبال، أي: إذا نويت أن تفعل، وكنت مترددا فيه بين أن تفعله في الزمن القريب من زمنك أو البعيد، مضى: أي: فعل قبل أن يقال لم يفعل لما ذكرته.
وقوله: الوافر
فكانُوا الأُسْدَ ليسَ لها مَصَالٌ ... عَلى طَيْرٍ وليسَ لها مَطَارُ
قال: لابن جني كلام في تفسير هذا البيت قليل المنفعة! والصواب إن الضمير في كانوا يعود على رجال سيف الدولة، جعلهم اسودا وجعل البادية المنهزمة طيرا، وصولة الأسد لا تدرك طيران الطائر، أي: انهم هربوا مسرعين كالطير فلا لوم على جيش سيف الدولة إذ لم يلحقهم لأنهم كالأسد وأولئك كالطير.
وأقول: إن الضمير في فكانوا يرجع إلى ذكر الأعادي قبل؛ يقول: أنهم كانوا كالأسد في الشجاعة إلا أنهم لم يكن، في وقت لحاق سيف الدولة بهم، لهم مصال.

الصفحة 60