كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 4)

وقوله: الوافر
رُقَاهُ كلُّ أبْيَضَ مَشْرَفِيٍّ ... لِكُلِّ أصَمَّ صِلٍّ أُفْعُوانِ
قال: اللص الخبيث صل والسيف رقيته.
وأقول: إنما أداه إلى هذا التفسير دون غيره ليجمع بين لفظ لص وصل، والمعنى غير ذلك! يريد إنه يدفع الشر بما هو أشد منه؛ أي: أذى الرمح الذي هو كالصل في لسعه وسمه لا يدفعه بالرقى والكلام، كما جرت به العادة، ولكنه يدفعه بالفعل من السيف خاصة، لأن سم صل الرمح ليس له رقى غير السيف. ومعناه إنه يدفع أذى الأعداء بالقهر لهم والقسر، لا باللين لهم والرفق. وفي هذا البيت من حسن المعنى وصحة اللفظ وجودة السبك ما لا زيادة عليه. واتفق له فيه من البديع أن أصم من صفة الرمح، وهو الصلب القناة، ومن صفة الحية، وهو الصل الذي لا
يجيب الرقاة.
وقوله: الوافر
حَمَى أطْرَافَ فارِسَ شَمَّريٌّ ... يَحُضُّ على التَّبَاقي في التَّفَاني
قال: أراد بشمري الممدوح، ولو قال: بالتفاني لكان أبين؛ أي: بالقتل يحصل الكف عن القتل.

الصفحة 85