كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 4)

وليس الأمر كذلك، بل قطع ذكرهم وأخذ في ذكر ما هو أعظم منهم من قتال الأعداء واصطلاء الحروب، وابتدأ في ذلك من قوله:
رُقَاهُ كُلُّ أبْيَضَ مَشْرَفِيٍّ ... . . . . . .
وقوله: السريع
لَوْ دَرَتِ الدُّنْيَا بما عِنْدَهُ ... لاستَحْيَتِ الأيَّامُ من عَتْبِهِ
قال: أي لو علمت الأيام بما فيه من الفضل والنفاسة، لاستحيت من عتبه عليها وكفت من أذاه.
وأقول: إن أبا الطيب لم يرد إلا ما عنده من الحزن والكابة على عمته، لا الفضل والنفاسة فإنها تعلمه، ويدل على ذلك ما بعده من أن عمته كانت في بغداد فظنت الأيام إنه لا يتأذى بموتها لكونها بعيدة عنه، وإنها، لبعدها، ليست مقيمة في ذرا سيفه وفي جواره، فلو علمت ذلك لاستحيت من عتبه. وفي هذا إشارة إلى أن الأيام مسالمة له، طائعة لأمره، متجنبة ما يسوءه ولمن هو بسببه.

الصفحة 87