كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 4)

وقد وردت في الكتاب العزيز للترتيب وغيره، فمن الأول قوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77]، وقوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} [البقرة: 158].
ومن الثاني قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]، وقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، وقوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92].
و (الوجه): ما يقع به المواجهة، وقد حددناه في كتب الفروع، وكذا اليد والمرفق، وسيأتي الكلام عَلَى مسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين -حيث ذكره البخاري- إن شاء الله تعالى.
قَالَ البخاري رحمه الله: (وَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ فَرْضَ الوُضُوءِ (مَرَّةً مَرةً) (¬1). وجه ذَلِكَ أنه صح أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة كما رواه قريبًا من حديث ابن عباس (¬2)، وصلى به؛ فعلم أنه الفرض، إذ لا ينقص - صلى الله عليه وسلم - منه، وهو المبين عن الله تعالى لأمته دينهم، وهو أيضًا إجماع كما نقله ابن جرير وغيره (¬3).
وشذ بعضهم فأوجب الثلاث، حكاه الشيخ أبو حامد وغيره، وحكاه صاحب "الإبانة" عن ابن أبي ليلى، وهو باطل يرده إجماع من قبله، والنصوص الصريحة الصحيحة أيضًا (¬4).
¬__________
(¬1) ورد بهامش (س): مرة: منصوب ظرف في موضع الخبر.
(¬2) سيأتي برقم (140)، (157) باب: غسل الوجه واليدين من غرفة واحدة، وباب: الوضوء مرة مرة.
(¬3) نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر في "الإجماع" ص 34، وابن حزم في "مراتب الإجماع" ص 38.
(¬4) انظر: "المجموع" 1/ 465.

الصفحة 10