كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 4)

علي: كان قائمًا يصلي بهم، إذ انصرف (¬1).
وفي رواية لأبي داود من حديث أبي بكرة: دخل في صلاةِ الفجر، فأومأ بيده أن: مكانكم، ثم جاء ورأسه يقطر، فصلى بهم (¬2)، وفي أخرى له مرسلة: فكبر ثم أومأ إلى القوم أن اجلسوا. وفي مرسل ابن سيرين وعطاء والربيع بن أنس: كبر ثم أومأ إلى القوم أن اجلسوا.
واختلف في الجمع بين هذِه الروايات، فقيل: أراد بقوله: (كبر): أراد أن يكبر، عملًا بالرواية السالفة: وانتظرنا تكبيره.
وقيل: إنهما قضيتا، أبداه القرطبي احتمالًا (¬3)، وقال النووي: إنه الأظهر (¬4).
وأبداه ابن حبان في "صحيحه" فقال بعد أن أخرج الروايتين من حديث أبي هريرة وحديث أبي بكرة: هذان فعلان في موضعين متباينين، خرج - صلى الله عليه وسلم - مرة فكبر، ثم ذكر أنه جنب، فانصرف فاغتسل، ثم جاء فاستأنف بهم الصلاة، وجاء مرة أخرى: فلما وقف ليكبر ذى أنه جنب قبل أن يكبر، فذهب فاغتسل، ثم رجع فأقام بهم الصلاة، من غير أن يكون بين الخبرين تضاد ولا تهاتر (¬5)
قَالَ: وقول أبي بكرة: فصلى بهم، أراد بدأ بتكبير محدث، لا أنه رجع فبنى على صلاته، إذ محالٌ أن يذهب - صلى الله عليه وسلم - ليغتسل ويبقى الناس كلهم قيامًا على حالتهم من غير إمام إلى أن يرجع (¬6).
¬__________
(¬1) "المسند" 1/ 88، 99.
(¬2) أبو داود (233).
(¬3) "المفهم" 2/ 228.
(¬4) "صحيح مسلم بشرح النووي" 5/ 103.
(¬5) "صحيح ابن حبان" 6/ 8 عقب الرواية (2236).
(¬6) المصدر السابق 6/ 6 عقب الرواية (2235).

الصفحة 609