وقد اختلف العلماء في مرور الجنب في المسجد، فرخص فيه جماعة من الصحابة: علي (¬1) وابن مسعود وابن عباس، وقال جابر: كان أحدنا يمر في المسجد وهو جنب (¬2).
وممن روي عنه إجازة دخوله عابر سبيل ابن المسيب وعطاء والحسن (¬3) وسعيد بن جبير، وهو قول الشافعي (¬4)، ورخصت طائفة للجنب أن يدخل المسجد ويقعد فيه، قَالَ زيد بن أسلم: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتبون في المسجد وهم جنب (¬5).
وروى سعيد بن منصور في "سننه" بسند جيد عن عطاء: رأيت رجالًا من الصحابة يجلسون في المسجد وعليهم الجنابة إذا توضئوا للصلاة (¬6).
وكان أحمد بن حنبل يقول: يجلس الجنب فيه ويمر فيه إذا توضأ، ذكره ابن المنذر، وقال مالك والكوفيون: لا يدخل فيه الجنب [إلا] (¬7) عابر سبيل (¬8).
وروي عن ابن مسعود أيضًا أنه كره ذلك للجنب، وقال المزني وداود: يجوز له المكث فيه مطلقًا، فالمسلم لا ينجس، واعتبروه بالمشرك.
¬__________
(¬1) "مصنف ابن أبي شيبة" 1/ 35 (1551).
(¬2) رواه ابن خزيمة 2/ 286 (1331)، والبيهقي 2/ 443.
(¬3) رواه عنهم ابن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 135 (1555، 1558، 1560).
(¬4) "الأم" 1/ 46.
(¬5) "مصنف ابن أبي شيبة" 1/ 135 (1557)، ولفظه: كان الرجل منهم يجنب ثم يدخل المسجد فيحدث فيه.
(¬6) "سنن سعيد بن منصور" 4/ 1275 (646).
(¬7) في الأصل: ولا، والمثبت من "الأوسط".
(¬8) "الأوسط" 2/ 107.