كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 4)

ثالثها:
قوله: ("تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ") هو من باب التقديم والتأخير، وقوله: ("ثم نم") أمر إباحة.
رابعها:
هذِه الأحاديث دالة لمن يقول بوجوب الوضوء للجنب عند النوم، وهو قول كثير من أهل الظاهر، ورواية عن مالك، وأغرب ابن العربي فحكاه عن الشافعي، والجمهور على الندب (¬1)، إذ في السنن الأربعة من حديث عائشة: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينام وهو جنب ولا يمس ماء (¬2). نعم، قَالَ البيهقي: طعن فيه الحفاظ.
وأجاب هو وقبله ابن سريج بأن المراد: لا يمس ماء للغسل (¬3)، وقال الداودي: تركه لعدم وجدانه أو تيمم لفقده. قلتُ: ولم لا يقال: تركه لبيان الجواز لا جرم قَالَ الشيخ تقي الدين القشيري: هذا الأمر ليس للوجوب ولا للاستحباب، فإن النوم من حيث هو نوم لا يتعلق به وجوب ولا استحباب، وإنما هو للإباحة، فتتوقف الإباحة على
¬__________
(¬1) انظر: "عارضة الأحوذي" 1/ 182 - 183، "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" 2/ 48 - 49، "المغني" 1/ 303 - 304، "مختصر اختلاف العلماء" 1/ 174 - 176، "فتح الباري" لابن حجر 1/ 394 - 395.
(¬2) رواه أبو داود (228)، والترمذي (118)، والنسائي في "الكبرى" 5/ 332 (9052 - 9053)، وابن ماجه (581).
قال الترمذي: روى عن أبي إسحاق هذا الحديث شعبة والثوري وغير واحد، ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق.
وقال البيهقي (1/ 202): صحيح من جهة الرواية.
وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (224): إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(¬3) انظر: "السنن الكبرى" 1/ 202.

الصفحة 656