كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= الدارقطني في العلل الموقوف، قال الحافظ: "وقد جمعت طرقه في جزء مفرد عن نحو من أربعين صحابيًا".
قلت: ويؤيد ذلك ما جاء في البخاري، ومسلم عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم، والناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقى منهم اثنان" وعن معاوية رضي اللَّه عنه قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه اللَّه على وجهه ما أقاموا الدين".
وقد احتج بذلك أبو بكر الصديق على الأنصار -رضي اللَّه عنهم جميعًا- يوم السقيفة، فرجعوا إلى قوله تاركين ما كانوا قد عزموا عليه بعد ما سمعوه يذكر قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي سبق ذكره آنفًا، أما الذين لم يعتبروا هذا الشرط، فقد استدلوا بأحاديث وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وهي كثيرة جدًا كما أنها جاءت مطلقة في كل أمير تولى أمر المسلمين دون تقييد بقرشي، أو غيره، وذلك دليل على عدم اعتبار الشرط المذكور، منها: حديث أبي ذر رضي اللَّه عنه قال: "إن خليلي -صلى اللَّه عليه وسلم- أوصاني أن أسمع، وأطيع، وإن كان عبدًا مجدع الأطراف" وفي رواية يحيى بن حصين: "إن أمر عليكم عبد مجدع، أسود يقودكم بكتاب اللَّه فاسمعوا، وأطيعوا" وعن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "على المرء المسلم السمع، والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية، فلا سمع، ولا طاعة" وفي حديث عبادة "بايعنا على السمع، والطاعة في منشطنا، ومكرهنا، وعسرنا، ويسرنا وأثره علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله قال: إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من اللَّه فيه برهان"، وكل فريق حمل أدلة الفريق الآخر على محمل يصرفه عن ظاهره، والجمهور مع أنهم اشترطوا أن يكون قرشيًا إلا أنهم لا يجوزون الخروج على غيره إذا انعقدت له البيعة وعلى هذا حملوا أحاديث وجوب الطاعة لهم، وقد تقدم ذلك في ذكر الشارح الخلاف في الخروج على الإمام الفاسق، ورجح قوله الجمهور في تحريم الخروج عليه ولو كان ظالمًا، فاسقًا. =

الصفحة 351