وهذا لا ينبغي أنْ يُقَال بظاهرِهِ في إيجاب المرتين، والمنعِ من الاقتصارِ علَى واحدة، فقد صحَّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الاقتصارُ علَى الواحدةِ، وقد حُملَ هذا علَى المبالغةِ منه في التشديدِ في أن لا يقتصرَ علَى الواجبِ، والتحضيضِ علَى أنْ يؤتَى بالفضيلةِ.
[ورُوي عن مالك روايةٌ أخرى: لا أحبُّ الواحدةَ إلا من عالِمٍ] (¬1) (¬2)؛ وهذا يقتضي إباحةَ المرة للعالم، وتخصيصَ الكراهةِ لغيرِه؛ فإنَّ العامةَ لا تكادُ تستوعبُ بمرة واحدة، فاحتاطَ لهم في أنْ (¬3) أمرَهُم بالزيادةِ عليها، وأخرج (¬4) العالِمَ من ذلك لمعرفتِهِ بما يأتي ويذرُ من ذلك.
فمنْ أرادَ أنْ يستدلَّ للراوية التي ظاهرُها كراهةُ الاقتصار علَى المرةِ، فله أنْ يستدلَّ بهذا الحديث؛ لأنَّهُ يدخلُ [تحت] (¬5) النقصانِ الموصوف بالإساءةِ، لكن (¬6) يخرجُ عن مُقتضَى هذه الدلالة في المرتين.
¬__________
(¬1) سقط من "ت".
(¬2) كما تقدم.
(¬3) في الأصل: "فإن" بدل "في أن"، والمثبت من "ت".
(¬4) "ت": "إخراج".
(¬5) زيادة من "ت".
(¬6) "ت": "لكنه".