ولابدَّ، وصارَ هذا كمَن سلَّمَ من الصلاةِ، ثم قام إلَى خامسةٍ، فإنَّه لا يبطلُها.
الثامنة والثلاثون: هذه الزيادةُ المكروهةُ مخصوصةٌ عندَهم بأنْ تُلحقَ بالوضوءِ نِيةً، فلو فُعِلتْ تبرُّدًا، أو مع قطع نية الوضوء عنها، لَمْ تُكرهْ.
وقد قيل: ومنْ زادَ علَى الثلاثِ؛ فإنْ كَان قاصدًا للقُربةِ بالزيادةِ علَى الثلاثِ فقد أساء لتقرُّبِهِ إلَى الرَّبِّ بما ليس بقُربَةٍ (¬1) إليه، وإن قصد تبردًا، أو تنظفًا، أو تنطُّلًا بالماءِ الحار، أو تداويًا، فانْ لَمْ يفرِّقْ بين أعضاء الوضوء فلا بأسَ، وإن فرَّقَ بينها فقد أساء بتفريق الوضوء، لا بمجرَّدِ (¬2) الزيادة (¬3).
قلت: يريدُ التفريقَ القاطعَ للمُوالاة المنافي لسنَّتها، علَى هذا القول لا (¬4) يَبعُدُ أنْ يُؤخَذَ قصدُ القُربةِ في الحكمِ من (¬5) الحديثِ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "هَكَذَا الوُضوءُ، فمَنْ زادَ علَى هَذَا"؛ فإنَّ فَهْمَ كونِهِ في الوضوءِ قريبٌ من دلالة اللفظ عليه، ويكون التقدير: فمن زاد علَى هذا في الوضوءِ،
¬__________
(¬1) في الأصل: "يتقرب"، والمثبت من "ت".
(¬2) "ت": "لمجرد" بدل "لا بمجرد".
(¬3) انظر: "قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام (2/ 175 - 176).
(¬4) في الأصل: "ولا"، والمثبت من "ت".
(¬5) في الأصل: "بين"، والمثبت من "ت".