الأربعون: قد ذكرنا أنَّهم حملُوا الزيادةَ علَى زيادةِ العدد (¬1)، وهو المعروفُ المشهور، وَيحتمِلُ وجهًا آخرَ أعمَّ من هذا، وهو أنْ يُرادَ إلحاقُ ما ليس من الوضوءِ به تنطُّعًا وتكلُّفًا، أو النقصان منه، ورُبَّما يُفهَمُ [هذا] (¬2) من قوله عليه السلام -: "هَكَذَا الوُضوءُ، فمَنْ زَادَ علَى هَذَا"؛ أي: علَى الوضوءِ، ويترجَّحُ بأنَّ الإشارةَ إلَى الوضوءِ ظاهرةٌ في جُملته.
الحادية والأربعون: يدخلُ في هذا المعنى الذي ذكرناه كلُّ ما استحبَّهُ بعضُ الفقهاء في الوضوءِ وألحقوه بسننه، فما (¬3) لَمْ يقمْ عليه دليلٌ شرعيٌّ يقتضي إلحاقه بالوضوءِ؛ كمسح العنق إذا لَمْ يصحَّ فيه الحديث (¬4)، [ولا شكَّ أنَّ إلحاقَهُ بسنن الوضوء ممتنعٌ إذا لَمْ يصحَّ فيه الحديث] (¬5)، وأمَّا فعلُهُ مِن غيرِ اعتقاد إلحاقٍ له بالوضوءِ الشرعي ففيه نظرٌ، والأقربُ كراهةُ المداومة عليه، والذي جعله من السننِ أبو
¬__________
(¬1) "ت": "على الزيادة في العدد".
(¬2) زيادة من "ت".
(¬3) "ت": "فلما".
(¬4) قال النووي في "روضة الطالبين" (1/ 61): وذهب كثيرون من أصحابنا إلى أنها لا تمسح؛ لأنه لم يثبت فيها شيء أصلًا، ولهذا لم يذكره الشافعي ومتقدمو الأصحاب، وهذا هو الصواب.
(¬5) سقط من "ت".