السادسة والأربعون: هاهنا مباحثةٌ نعرضُها عليك لتتأملَ (¬1) مقدماتِها، واستنتاجَ الأحكامِ منها، وهو أنْ يقال: الفعلُ المقصودُ به البيانُ والتعليمُ لا (¬2) بدَّ وأنْ يتبينَ لمن يُقصَدُ البيانُ له، وإلا لَمْ يكنْ بيانًا، فما كانَ من الأفعالِ الظاهرةِ وهيئاتِها [فهو] (¬3) مدرك بالبصرِ، وما كان من النيَّاتِ التي وقع الفعلُ عليها، إذا اختلفت صفاتُها؛ فما كان واجبًا وشرطًا في الفعلِ فلا بدَّ من الإعلامِ بوقوع الفعلِ [عليه، وإلا تأخَّرَ البيانُ عن وقت الحاجة، وإذا وجبَ الأعلامُ بما وقع الفعلُ عليه، فما لا يقعُ الإعلامُ به لا يكونُ واجبًا.
فإن قيل: لا يجبُ الإعلامُ بوقوع الفعل] (¬4) علَى تلك الصفة؛ فإنَّهُ قد يقعُ البيانُ بقولٍ سابقٍ أو لاحق، فلا يتعينُ الإعلامُ بوقوع الفعل علَى تلك الصفة.
قلنا: الفرضُ فيما يقع البيانُ فيه بالفعلِ، وإذا وقع البيان بقولٍ سابق أو لاحق، فليس البيانُ فيه بالفعلِ، بل بالقول.
¬__________
(¬1) في الأصل: "لتأمل"، والمثبت من "ت".
(¬2) "ت": "ولا".
(¬3) سقط من "ت".
(¬4) سقط من "ت".