وقال السجستاني: لا يجوزُ أن تكونَ (الحورُ) منسوقاتٍ على الأكواب؛ لأنه لا يجوز أن يطوفَ الولدان بالحور العين.
قال أبو بكر: وهذا خطأٌ منه؛ لأنَّ العربَ تتبعُ اللفظةَ اللفظة (¬1)، وإن كانت غيرَ موافقةٍ لها في المعنى، من ذلك قراءتُهم في سورة المائدة: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 16] فخفضوا الأرجل على النسق على الرؤوس، وهي تخالفها في المعنى؛ لأن الرؤوسَ تُمسح، والأرجل تُغسل، وقال الحُطيئة [من الوافر]:
إِذَا مَا الغَانِيَاتُ بَرَزْنَ يَوْمًا ... وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ والْعُيُونَا (¬2)
فنسقَ العيونَ على الحواجبِ (¬3)، والعيونُ لا تزجَّج، وإنما تُكحَّل، وهذا كثيرٌ في كلامهم.
وقال الفراءُ: يلزمُ مَنْ رفعَ الحور العين؛ لأنه لا يُطافُ بهن، أن تُرفعَ الفاكهةُ واللحم؛ لأنهما لا يُطافُ بهما، إنما يُطافُ بالخمر وحدَها، وقال الفراء: الخفضُ [وجهُ] (¬4) القراءة، وبه كان يقرأُ
¬__________
(¬1) في الأصل: "اللفظ"، والمثبت من "ت".
(¬2) انظر البيت في: "الخصائص" لابن جني (2/ 234)، و"المحكم" لابن سيده (7/ 182)، و"أساس البلاغة" للزمخشري (ص: 267)، و "تهذيب اللغة" للأزهري (10/ 244).
(¬3) "ت": "فنسق الحواجب على العيون".
(¬4) سقط من "ت".