كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 4)
والعيونُ لا تُزَجَّج، بل تكحَّل؛ للاشتراك في معنى التَّزَيُّن، وقال [من الطويل]:
تَرَاهُ كَأَنَّ اللهَ يَجْدَعُ أَنْفَهُ ... وَعَيْنَيْهِ إنْ مَوْلاهُ ثَابَ لَهُ وَفَرْ (¬1)
ولا يُتَوَهَّمُ أنَّ ذلك يختصُّ بتأخير ما لا يُستعمَلُ الفعلُ فيه، لِيَتبع لما تقدم، فإنَّا قد وجدناه متقدمًا، قال [من الطويل]:
عَلَيْهنَّ فِتْيانٌ كَسَاهُنَّ مُحْرِقٌ ... وَكَانَ إذا يَكْسُو أَجَادَ وأكرَمَا
صَفَائِحَ تَسْرِي أَخْلَصَتْهَا قُيونُها ... ومُطَّرِداً مِنْ نسجِ داودَ مُبْهَمَا (¬2)
ولا تُستعمَلَ الكُسْوَةُ في السيوف، وإنما تُستعمَلُ في الدروع؛ لأنها تُلبس كما تُلبس الكُسوةُ من الثياب، وقال الحُطيئة [من الطويل]:
سَقَوا جَارَكَ الَعَيْمَانَ لمَّا جَفَوْتَهُ ... وقَلَّصَ عن بَرْدِ الشَّرابِ مَشَافِرُه
سَنَامًا ومَحْضًا أَنْبَتَا اللَّحْمَ فَاكْتَسَتْ ... عظَامُ امْرِئٍ مَا كَانَ يَشْبَعُ طائِرُه (¬3)
¬__________
(¬1) البيت لخالد بن الطَّيفان؛ انظر: "الحيوان" للجاحظ (6/ 40)، و"الخصائص" لابن جني (2/ 431)، و"المحكم" لابن سيده (1/ 306).
(¬2) البيتان للحُصَين بن الحُمَام المُرِّي؛ انظر: "المفضليات" للمفضل الضبي (ص: 66)، و"الأغاني" للأصفهاني (12/ 310 - 311)، وعندهما:
صفائح بصرى أخلصتها قيونُها ... ومطردًا من نسج داود مبهما
(¬3) انظر: "ديوانه" (ص: 31).
الصفحة 567