كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 4)

واحد، لفسد المعنى، فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة كفاني، ولم أطلب قليل من المال، و (لو) تدلُّ على امتناع الشيء لامتناع غيره، فإذا كان بعدها مثبتٌ، كان منفيًا في المعنى، وإذا كان منفيًا، كان مثبتًا؛ لأنها تدل على امتناعه وامتناعُ النفيِ إثباتٌ، وإذا ثبت ذلك فقوله: فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة، فلو وجِّه، ولم أطلب إلى قليل، لوجب أن يكون فيه إثبات لطلب القليل؛ لأنه في سياق جواب (لو) فيكون نافيًا [للسعي لأدنى معيشة، مثبتًا لطلب القليل من المال، وهو غير ما ثَبَتَ نفيُه، فيؤدي إلى أن يكون نافيًا مثبتًا] (¬1) لشيء (¬2) واحد في كلام واحد، وهو فاسد، فثبت أنه ليس من هذا الباب؛ لما أدى إليه من فساد المعنى.
وأما أبو إسحاق ابن ملكون (¬3)، فإنه حَمَلَ كلام أبي عليٍّ على ظاهره، وذكر أنه صحيحِ، وأن ما قال سيبويه أيضًا صحيح على وجهين مختلفين، ومأخَذيْن متمكِّنين، فقال: وتعقَّبَ على الفارسي جعلَه هذا البيت من الإعمال بعضُ من قلَّت بهذا العلم خبرتُه، ولم
¬__________
(¬1) زيادة من "ت".
(¬2) في الأصل: "للشيء"، والتصويب من "ت".
(¬3) لأبي إسحاق إبراهيم بن محمَّد بن منذر الحضرمي الإشبيلي المعروف بابن ملكون، المتوفى سنة (584 هـ) مصنفات عدة منها: "إيضاح المنهج في الجمع بين كتابي التنبيه والمبهج" لابن جني، و"شرح الحماسة"، و"النكت على التبصرة في النحو" للضميري. انظر: "كشف الظنون" لحاجي (1/ 339، 691).

الصفحة 590