كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 4)

تعرض على تفهُّم أصوله فطرتُه، وليس كما زعم، بل البيت يحتمل تفسيرين، يُخرَّجُ على أحدهما قولُ سيبويه، ويخرج على الآخر قولُ أبي علي، وذلك أن (أسعى) و (أطلب) بمعنى واحد في البيت، إذ السعي قد يكون في اللغة بمعنى الطلب، قال [من الكامل]:
يسعى الفتى لينالَ أفضلَ سعْيِهِ ... هيهاتَ ذاكَ ودونَ ذاكَ خطوبُ (¬1)
ومعيشة في البيت، تحتمل أن تكون مصدراً، أو أن تكون اسمَ ما يُعاش به، وكأنها في قول سيبويه مصدر، وتقدير البيت على قوله: فلو أن طلبي لسيء عيش، كفاني قليلٌ من المال، ولم أطلب سيء العيش، وإنما أطلب الملك؛ لأنه قال [من الطويل]:
ولكنّما أسعى لمجد مُؤثَّل
قيل: وكأنه أراد جعله (أدنى معيشة) مصدراً أن يبين أن (أطلب) و (كفاني) غير متوجهين إلى (¬2) معمول واحد، بل معمول كفى (قليل)، ومعمول (أطلب) سيء العيش، وقال في توجيه كلام الفارسي: وأما قول أبي علي، فيجوز على تقدير المعيشة مصدراً، أو اسم ما يعاش
¬__________
(¬1) البيت لنويفع بن نفيع، كما أنشده الزجاجي في "أماليه". وقد جاء في الأصل و "ت": "خطوف" وكتب فوقها في "ت": "وكذا"، والمثبت من "أمالي الزجاجي".
(¬2) في الأصل: "على" , والتصويب من "ت".

الصفحة 591