"مَنْ أتمَّ الوضوءَ كما أمره الله، فالصلواتُ المكتوبة كفاراتٌ لِما بينهن" (¬1)؛ لأنَّا نقول: إن من اقتصر على واجبات الوضوء، فقد (¬2) توضأ كما أمره الله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي: "توضَّأ كما أمركَ الله" (¬3)، فأحاله على آية الوضوء كما قدَّمناه.
وكذلك ذكر النسائي من حديث رفاعة بن رافع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّها لم تتمَّ صلاةُ أحدِكُم، حتى يُسْبغَ الوضوءَ كَمَا أمرهُ الله، فيغسلَ وَجْهَهُ، ويَدَيهِ إلى الِمْرفْقَين، ويمسحَ بَرِأْسِهِ (¬4)، ورِجْلَيهِ إلى الكعبين" (¬5)، ونحن إنما أردنَا المحافظةَ على الآداب المكمِّلة، التي لا يُراعيها إلا من نوَّرَ اللهُ باطنَه بالعلمِ والمُرَاقبةِ، والله أعلم (¬6).
الثامنة والسبعون بعد المئة: يحتمل وجهًا آخر؛ وهو أن يكون المراد: أنَّ العبدَ المسلمَ من حيث هو مسلمٌ يحصُلُ له الثوابُ العظيمُ المرتَبُ على هذا العملِ اليسيرِ، ويكون المقصود: أنه لا يتوقَّف هذا الثوابُ العظيم في حقِّ العبدِ المسلم على أمور عظيمة شاقَّةٍ، بل
¬__________
(¬1) رواه مسلم (231)، (1/ 208)، كتاب: الطهارة، باب: فضل الوضوء والصلاة عقبه، من حديث عثمان - رضي الله عنه -.
(¬2) في الأصل "فقال" بدل "فقد" والمثبت من "ت".
(¬3) تقدم تخريجه.
(¬4) "ت": "رأسه".
(¬5) رواه النسائي (1136)، كتاب: التطبيق، باب: الرخصة في ترك الذكر في السجود.
(¬6) انظر: "المفهم" للقرطبي (1/ 491 - 492).