كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 4)

الأزمان من القول بأنّ العُزير ابن الله , وهذا لا يمنع كونه كان موجوداً في زمن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , لأنّ ذلك نزل في زمنه واليهود معه بالمدينة وغيرها , فلم ينقل عن أحدٍ منهم أنّه ردّ ذلك ولا تعقّبه.
والظّاهر أنّ القائل بذلك طائفةٌ منهم لا جميعهم , بدليل أنّ القائل من النّصارى إنّ المسيح ابن الله طائفةٌ منهم لا جميعهم , فيجوز أن تكون تلك الطّائفة انقرضت في هذه الأزمان , كما انقلب اعتقاد معظم اليهود عن التّشبيه إلى التّعطيل , وتحوّل معتقد النّصارى في الابن والأب إلى أنّه من الأمور المعنويّة لا الحسّيّة، فسبحان مقلب القلوب.
قوله: (فإنْ هم أطاعوا لك بذلك) أي: شهدوا وانقادوا، وفي رواية ابن خزيمة " فإن هم أجابوا لذلك ".
وفي رواية الفضل بن العلاء كما في البخاري " فإذا عرفوا ذلك " وعدّى أطاع باللام - وإن كان يتعدّى بنفسه - لتضمّنه معنى انقاد.
واستدل به على أنّ أهل الكتاب ليسوا بعارفين , وإن كانوا يعبدون الله ويظهرون معرفته , لكن قال حذّاق المتكلمين: ما عرف الله من شبّهه بخلقه أو أضاف إليه اليد أو أضاف إليه الولد (¬1) فمعبودهم
¬__________
(¬1) قال الشيخ ابن باز (3/ 452): لا شك أنّ من شبّه الله بخلقه أو أضاف إليه الولد جاهلٌ به سبحانه ولَم يقدره حق قدره , لأنه سبحانه لا شبيه له , ولَم يتخذ صاحبة ولا ولداً , وأمّا إضافة اليد إليه سبحانه فمحل تفصيل. فمن أضافها إليه سبحانه على أنها من جنس أيدي المخلوقين فهو مُشبّه ضال , وأمّا من أضافها إليه على الوجه الذي يليق بجلاله من غير أن يشابه خلقه في ذلك فهو حق , وإثباتها لله على هذا الوجه واجب كما نطق به القرآن وصحّت به السنة. وهو مذهب أهل السنة , فتنبّه. والله الموفق.

الصفحة 12